لا يحق له فرض الحكم من دون طلب المدعي للحكم وفق البينة، لأن ذلك حق له، أما إذا كان المدرك هو التهمة، فهي موجودة في الحق المشترك.
والآن فلنقطع النظر عن أن مقصود الأصحاب من التبرع هل هو عدم طلب الحاكم، أو عدم طلب ذي الحق؟ لنبحث أصل الموضوع، وهو أن الشهادة هل تنفذ ابتداء بلا طلب، أو أن نفوذها مشروط بطلب ذي الحق، أو بطلب الحاكم في خصوص حقوق الناس الفردية، أو حتى العامة، أو حتى حقوق الله؟
تحقيق الحال في شهادة المتبرع:
وتحقيق الحال في ذلك يتوقف على أن نرى أنه هل هناك إطلاق يثبت لنا نفوذ شهادة البينة على الإطلاق أو لا؟ فإن لم يكن هناك إطلاق فما هو القدر المتيقن من النفوذ؟ وإن كان هناك إطلاق فهل خرج منه شئ بالتخصيص؟ وما هو الخارج منه بالتخصيص؟
فنقول: إن أدلة نفوذ شهادة البينة عديده:
الأول - الإجماع البالغ حد الضرورة الفقهية مما لا يضر به وجود المدرك، وهذا دليل لبي لا إطلاق له، فمتى ما احتملنا عدم نفوذ البينة - لعدم طلب الحاكم أو ذي الحق - لم تنفذ، وتصل النوبة إلى اليمين بناء على أن دليل اليمين ظاهر في وصول النوبة إليه متى ما لم تصبح البينة حجة فعلية.
الثاني - حديث مسعدة بن صدقة: (... والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة) (1) بناء على تمامية دلالته على حجية البينة بالمعنى المصطلح.
وقد يقال: إن هذا الحديث إن تمت دلالته على حجية البينة، فإنما يدل على