اختلاف البينة في حق طرف واحد الفرض الثاني - هو فرض تعارض البينتين اللتين هما معا في صالح إثبات الحق لطرف واحد مع اختلافهما في تشخيص الحق أو تشخيص سبب الحق، كما لو قالت إحداهما: باع العين من عمرو بدينار، وقالت الأخرى: باعها منه بدرهم، أو قالت إحداهما: باعها منه صباحا، وقالت الأخرى: باعها منه عصرا، أو قالت إحداهما: باع منه الكتاب الفلاني، وقالت الأخرى: باع منه الكتاب الآخر، وما إلى ذلك من الأمثلة.
وقد جاء في الشرائع فيما لو شهد اثنان على سرقة شئ معين في وقت، وآخران على سرقته في وقت آخر على وجه يتحقق التعارض بينهما بأن لا يمكن سرقته مرتين: سقط القطع للشبهة، ولم يسقط الغرم، وكتب في الجواهر بعد ذكر قول المصنف (رحمه الله): " ولم يسقط الغرم " يقول: " وفي محكي المبسوط: تعارضت البينتان وتساقطتا، وعندنا: تستعمل القرعة، وفي كشف اللثام: أنه لا فائدة للقرعة هنا. قلت:
إن كلام كشف اللثام إنما يتجه لو قلنا بأنه يجوز للحاكم الحكم بالغرم استنادا إلى كلتا البينتين فيما اتفقتا عليه من سرقة الثوب وإن اختلفتا في وقت السرقة، فعندئذ لا تبقى الفائدة في القرعة، ولكن لعل مبنى كلام الشيخ على وجوب استناد الحكم إلى إحدى البينتين لعدم صلاحيتها بعد التعارض لأن تكونا معا مستندا للحكم، ولا يمكن تعيين البينة التي يستند إليها إلا بالقرعة، والفائدة تظهر في الأحكام التي تلحق الشاهد من قبيل ما لو رجع الشاهد عن شهادته، فلو رجعت إحدى البينتين عن شهادتها وكانت هي التي استند الحاكم في حكمه إليها، دخلت المسألة في رجوع الشاهد عن شهادته، ولو لم تكن هي التي استند الحاكم في حكمه إليها، لم يكن