لا يبعد أن يقال: إن دليل نفوذ القضاء حاكم على دليل حرمة المحكوم به، لأنه ناظر إلى جميع الأحكام المختلف فيها بين المتخاصمين، سواء كان الخلاف فيها لأجل الخلاف في الموضوع أو كان خلافا في أصل الحكم. نعم لو أمكن للمحكوم عليه التجنب عن الحرام من دون التورط في مخالفة حكم الحاكم، كما لو استطاعت المرأة التي حكمه عليها بالزوجية وبصحة ما وقع من عقد الزواج إقناع الزوج بإعادة العقد الذي اختلفا في صحته وإجرائه بالشكل الذي تعتقد هي بصحته وجب عليها ذلك، فإن حكومة دليل نفوذ القضاء إنما هي بقدر النفوذ - أي بقدر حرمة نقض الحكم - ولا توجب جواز التورط فيما تعتقد حرمته بالشكل الذي كان بالإمكان التجنب عنه بلا نقض للحكم.
فرض تبدل المقاييس:
الفرض الثاني - فرض تبدل المقاييس بأن يترافعا بعد حكم القاضي إلى قاض آخر، أو إلى نفس القاضي الأول بعد تبدل المقاييس بأن تفترض مثلا أن المدعي في المرة الأولى لم يكن يمتلك بينة، فحكم القاضي وفق يمين المنكر، وبعد ذلك امتلك المدعي البينة، فهل من حقه تجديد المرافعة، لأن مقياس القضاء قد تبدل، فكان القضاء الأول باليمين بينما الآن سيكون القضاء بالبينة؟ أو أن المنكر كان قد امتنع عن اليمين، فحكم الحاكم لصالح المدعي، والآن تبدلت حالته النفسية، فهو مستعد للحلف، أو أن المنكر لم يكن يمتلك بينة مسقطة لبينة المدعي بالتعارض، فصدر الحكم وفق بينة المدعي، والآن امتلك البينة المعارضة، وما شابه ذلك من الأمثلة.
والصحيح أن هذه التبدلات التي تطرأ بعد حكم القاضي لا عبرة بها، ولا