في نفوذ البينة في المقام لأجل ما دل عنده من بعض الروايات على أنه لو تعارضت بينة المدعي مع بينة ذي اليد كان القول قول ذي اليد بيمينه؟ أو مقصوده صرف رواية حفص بن غياث عن ظهورها في نفوذ البينة إلى بيان مجرد جواز الإخبار بقرينة ما دل عنده على الرجوع إلى يمين ذي اليد عند التعارض بين البينتين؟
فإن أراد الأول ورد عليه: أن نفوذ بينة ذي اليد في إسقاط بينة المدعي ليس أمرا ارتكازيا كالمتصل يؤدي إلى تغيير الظهور، ولو كان فإنما هو أمر منفصل لا يؤثر في ظهور الكلام.
وإن أراد الثاني ورد عليه: أن فرض القرينية بهذا المقدار من البيان غير تام، غاية الأمر أن يفترض التعارض بين خبر حفص بن غياث وما دل عنده على سقوط بينة المدعي ببينة المنكر، والرجوع بعد ذلك إلى مقتضى القاعدة الذي هو في رأيه عدم نفوذ البينة. نعم، لو كان أكمل الشوط ببيان النتائج الغريبة على كل المحتملات والتي كان آخرها استغراب العقلاء عن كونه بينة ما نافذة حينما لا تكشف عن هويتها، وغير نافذة حينما تكشف عن هويتها، أمكن أن يدعي أن هذا الارتكاز العقلائي لا يردع بمثل ظهور رواية حفص، بل هذا الارتكاز يوجب توجيه الرواية بحملها على محمل آخر.
الوجه الثاني - أن قوله في ذيل رواية حفص: " لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق " قرينة على أن المراد من الحديث لم يكن هو نفوذ الشهادة كبينة في باب القضاء، وإنما المقصود هو التعامل مع ذي اليد معاملة المالك عملا، وجواز الإخبار عن مالكيته.
أقول: الشئ الدخيل في قيام السوق للمسلمين ليس هو جواز الإخبار بالملكية الواقعية، وإنما هو التعامل مع ذي اليد معاملة المالك عملا وجواز الإخبار بملكيته الظاهرية، فجواز الإخبار بالملكية الواقعية أجنبي عن المقام. إذن فنفس هذا