معرفة المالك الحقيقي كي يحصل المالك الواقعي على نصف ماله على كل تقدير، ولا يحرم أي واحد منها حرمانا كاملا ما دام يحتمل كونه هو المالك.
أما الكتابة فليست - بما هي - طريقا للإثبات في الفقه الإسلامي.
الطعن على الإسلام:
ومن هنا يأتي الطعن على الإسلام بأنه لا ينسجم مع وضع اليوم، إذ من الواضح أن رفض الكتابة اليوم - وهي أقوى بكثير من جهة كشفها الحقيقي من البينة - أمر غير عقلائي فالإسلام دين لظروف مضت ولزمان انصرم.
والجواب: أن الكتابة قد تورث العلم، وقد لا تورث العلم، فإن أورثت العلم فقد دخلت في الطريق الأول من طرق الإثبات في الفقه الإسلامي كما ذهب إليه مشهور أصحابنا - قدس الله أسرارهم -، وكان طريق الإثبات في الحقيقة هو العلم من أي سبب نشأ لا الكتابة.
أما إذا لم تورث العلم فهي غالبا أضعف من المدرك الذي أوجب للبينة العلم، والقاضي وإن كان تعامله ليس مباشرة مع مدرك علم البينة، وإنما تعامله معه بواسطة علم البينة، بينما الكتابة هي المدرك المباشر لحصول الظن عند القاضي، فقد يفضل الاتكاء على هذا المدرك المباشر على الاتكاء على ذاك المدرك غير المباشر، ولكن المشرع ليس هو القاضي، وإنما هو شخص ثالث نسبته إلى القاضي والبينة على حد سواء، ومن حقه أن يفضل المدرك الذي أوجب العلم للبينة على المدرك الذي أوجب الظن للقاضي.
وبعد هذا نشرع في البحث عن الطرق التي اعتمد عليها فقهنا الإسلامي للإثبات في القضاء.