موضوع المنكر بالنسبة إليه قبل قيام الحجة عليه، ومع قيامها يكفي هذا في تحقق موضوعه بلا حاجة إلى القضاء (1).
أقول: من يستدل على وجوب القضاء بتوقف النهي عن المنكر عليه يقصد بذلك أن كثيرا من الظالمين المتعمدين في الظلم لا يمكن دفعهم عن ظلمهم قبل إقامة الحجة عليهم أمام خصومهم وأمام الناس وقبل قيام الحجة لنفس الدافع، وهذا كله لا يكون إلا بالقضاء. ولا يقصد بذلك إقامة الحجة أمام نفس الخصم الذي لولاها لم يعرف أن عمله منكر، وبالتالي لم يكن منكرا كي يورد عليه بما ذكره (رحمه الله).
أما دعوى عدم توقف حفظ النظام على القضاء فأكثر غرابة، اللهم إلا أن يقصد بذلك أن هذا لا يثبت وجوب القضاء كفاية من قبل العدول مع الإمكان عند وجود قضاة الحاكم الغاصب، لأن وجود القضاة من قبل الحاكم الغاصب يمنع - على أي حال - من اختلال النظام.
بحث المسألة على صعيدين:
أقول: إننا تارة نبحث المسألة على مستوى معرفة جزء من خطة الإسلام الشاملة في إدارة المجتمع، وأخرى نبحث المسألة على مستوى وجوب إقامة القضاء الحق لو أمكن ولو في ظل حكومة غاصبة.
أما إذا بحثنا المسألة على المستوى الأول، فمن الواضح أن المعروف من الإسلام أنه يملأ الفراغات اللازمة المل ء لحفظ النظام ونفي الهرج والمرج، أي أن كل ما يكون عدم ملئه موجبا لاختلال النظام يملؤه الإسلام بطريقته الخاصة، أما فرض