دليلان: أحدهما عدم رضا الشارع باختلال النظام، واهتمامه بحفظ النظام. والثاني توقف النهي عن المنكر على ذلك.
والوجه الثاني لا يفيدنا هنا شيئا، لأن قضاء غير الفقيه لو لم يكن نافذا فسوف لن يمنع عن تحقق المنكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبان يتوقفان على القضاء النافذ، ونفوذ قضاء غير الفقيه أول الكلام.
أما الوجه الآخر وهو اهتمام الشارع بحفظ النظام، فإن فسر بمعنى وجوب حفظ النظام علينا فأيضا لا يفيدنا في المقام، فإن النظام الواجب علينا حفظه إنما هو النظام الناتج عن القضاء النافذ، ونفوذ قضاء غير الفقيه أول الكلام.
لكن هناك تفسير آخر لذلك، وهو علمنا بأن الإسلام وضع من القوانين ما يكفي لحفظ النظام، فإذا توقف حفظ النظام على نفوذ القضاء، فهو بنفسه دليل على نفوذ القضاء، فهذا دليل على أن الإسلام يسمح لغير الفقيه بالقضاء عند توقف حفظ النظام عليه، أي يثبت بذلك نفوذ قضائه لعلمنا بأن نفوذ قضائه هو الطريق الوحيد لحفظ النظام، وأن اهتمام الشارع بحفظ النظام بالغ إلى درجة يوجب السماع بما يتوقف عليه من نفوذ القضاء. نعم بما أن هذا دليل لبي لا بد فيه من الاقتصار على القدر المتيقن، وهو القضاء لغير الفقيه بتعيين من قبل الولي الفقيه لا بلا تعيين، بل القضاء بلا تعيين قد يولد بنفسه اختلال النظام، فإن نظام كل مجتمع يتوقف على أن تكون أمثال هذه التعيينات بيد الولي المشرف على ذلك المجتمع.
التوكيل في القضاء بقي الكلام في أنه هل يمكن حل الإشكال عن طريق افتراض أن ينصب الفقيه وكيلا من قبله في القضاء فاقدا لبعض الشرائط الماضية، بأن يقال: إن وكيل القاضي ليس قاضيا كي يشترط فيه تلك الشرائط أو لا؟. وبناء على تصوير ذلك يجب على