والآن نريد أن نقول: إن الساكت الممتنع عن الحلف وعن رد الحلف على المدعي نأكل حقيقة، فيشمله حكمه جزما، وذلك لأن أدلة اليمين لم يرد فيها عنوان أن اليمين على المنكر، حتى يقال: إن الساكت ليس منكرا، فلم تثبت عليه اليمين كي يكون ناكلا، وإنما ورد فيها: أن اليمين على المدعى عليه (1)، وهذا الساكت مدعى عليه بلا إشكال، فعليه اليمين، فإذا لم يحلف ولم يرد اليمين كان ناكلا لا محالة، كما أن بعض أدلة الحكم على الناكل بمجرد نكوله كان قد أخذ فيه عنوان المدعى عليه.
اليمين بين المتداعيين البحث الثاني - كيف يدار اليمين بين المتداعيين؟
قد مضى منا خلال بحث البينة في المتداعيين ذكر مواطن تحليفهما، أو تحليف أحدهما، ففي مواطن تحليفهما لا مورد للبحث عن أنه كيف يدار اليمين بينهما، إذ أن المفروض تحليفهما معا، وفي مواطن تحليف أحدهما الذي يعين بالقرعة، أو بأكثرية عدد البينة التي يمتلكها يكون المفهوم عرفا من دليل توجيه الحلف إليه أنه بمنزلة المنكر، فيدار اليمين بينه وبين صاحبه بالنحو الذي عرفته من كيفية دوران اليمين بينه وبين المنكر.