تعيين المنكر بخبر الثقة:
الأمر الثاني - هل ينقلب المدعي منكرا بسبب إخبار ثقة واحد بصحة مدعاه - بناء على تفسير المدعي بمن خالف قوله الأصل - أو لا؟ قد يخطر بالبال انقلابه منكرا بذلك، باعتبار أن خبر الثقة حجة وأصل يرجع إليه في ذاته وبقطع النظر عن باب القضاء، فمن طابق قوله مفاد خبر الثقة، فقد أصبح قوله مطابقا للحجة والأصل، وهذا هو المنكر.
وقد يؤيد ذلك بالروايات الواردة في قبول قول المدعي بشاهد واحد ويمينه (1) فهذا يعني أن الشاهد الواحد جعله منكرا، فيكتفى عندئذ بيمينه.
والواقع أنني لا أظن أحدا يلتزم بهذه النتيجة أعني انقلاب المدعي منكرا بواسطة قيام خبر الثقة على وفق مدعاه. والروايات الواردة في قبول قول المدعي بشاهد واحد ويمينه أجنبية عن المقصود....
فإن المقصود منها قيام اليمين مقام الشاهد الآخر لا انقلابه منكرا، ولذا لا يطالب صاحبه بالبينة بعد إقامته شاهدا واحدا، وأيضا لا تكفي منه اليمين لو كان شاهده فاسقا ثقة حتى على القول بأن حجية خبر الواحد غير مشروطة بالعدالة وتكفي فيها الوثاقة.
وأما شبهة انقلاب المدعي منكرا بقيام خبر الثقة وفق مدعاه فهي متوقفة على الإيمان بحجية خبر الثقة في الموضوعات مطلقا لا في خصوص الموضوعات التي يتوقف عليها إثبات الحكم الكلي، كوثاقة المخبر أو خبر المخبر. أما لو أنكرنا حجية