والخلاف الأول هو الذي يفصله القاضي بينهما وفق قوانين المدعي والمنكر إن كان أحدهما مدعيا والآخر منكرا، ووفق قوانين التداعي إن كانا متداعيين كما لو كان المال خارجا من أيديهما.
أما الخلاف الثاني فلا يفصله القاضي بينهما، إذ ليس نزاعا ومرافعة بالمعنى المألوف في باب القضاء، وإنما هو من قبيل أي مال يختلف عليه اثنان، كل منهما يقول للآخر: إن المال لك. وهذا كما ترى ليس دعوى بين شخصين ترفع إلى القاضي، بل هما إما أن يتصالحا فيما بينهما، أو أن أحدهما يرفع يده عن حقه على تقدير كون الحق له كما يزعم صاحبه، كي يجوز لصاحبه التصرف في المال، أو أن يترك كل منهما المال للآخر، وبالتالي لا يجوز لأحدهما التصرف في المال.
وبالنسبة للخلاف الأول لو أنهما لم يترافعا إلى القاضي، ولم يفصل القاضي بينهما، واستولى أحدهما على المال المتنازع فيه على أساس علمه بأنه له، جاز للآخر أن يأخذ من المال الثاني بمقدار التقاص.
موقف الفقه الوضعي من تعارض البينتين وفي ختام الكلام عن تعارض البينتين لا بأس بالإشارة إلى موقف الفقه الوضعي من ذلك:
ويتحدد موقف الفقه الوضعي من تعارض البينتين في ثلاث نقاط:
الأولى: أن بينة المدعي وبينة المنكر في عرض واحد، ولا يوجد لديهم فرق بين بينة المدعي وبينة المنكر في درجة الحجية، وإنما الفرق في الحكم بين المدعي والمنكر هو أن البينة على الأول واليمين على الثاني، أما لو أقام المنكر بينة مقنعة أخذ القاضي بها، كما أن المدعي لو أقام بينة مقنعة أخذ القاضي بها، فالفرق بينهما إنما هو