المقدمة قد قسموا القاضي إلى القاضي المنصوب، وقاضي التحكيم.
ولعله ليس المقصود من جعل قاضي التحكيم في مقابل القاضي المنصوب أن قاضي التحكيم ليس بحاجة إلى النصب من قبل الإمام، فإن نفوذ القضاء هو خلاف الأصل حتى مع فرض التحكيم، وليس الحكم إلا لله تعالى، ثم لمن أعطاه الله إياه، ثم لمن نصبه المعين من قبل الله. فكأن المقصود من تقسيم القاضي إلى هذين القسمين هو أن القاضي: تارة يكون منصوبا ابتداء وبالذات من قبل الإمام، فلو رفع أحد المتخاصمين الشكوى إليه فطلب القاضي من الآخر الحضور والخضوع للحكم وجب عليه ذلك، لأن هذا المنصب ثابت له من قبل الإمام. وأخرى لا يكون منصوبا من قبل الإمام إلا في طول المحاكمة، فلو تحاكم المتخاصمان عند شخص كان ذلك الشخص مخولا من قبل الإمام في الحكم، وإن لم يكن منصوبا ابتداء وبالذات من قبل الإمام للحكم.
وبما أننا نعيش اليوم عصر الغيبة الكبرى فلا يكون النصب من قبل الإمام نصبا لشخص معين بالخصوص، وإنما النصب يكون بشكل عام لكل من هو متصف بمواصفات معينة. نعم بناء على مبنى ولاية الفقيه قد يقال بأن للفقيه حق تعيين شخص ما للقضاء، ولو لم توجد فيه المواصفات المذكورة في من ورد من الإمام