فيه، ولو كان كافيا في القضاء لكان المترقب ذكره في أحاديث مقاييس القضاء كما ذكرت البينة واليمين.
التفصيل بين العلم الحسي والحدسي:
فالنتيجة إذن هي التفصيل بين العلم الحسي والعلم الحدسي، فالعلم الحسي للقاضي حجة أو لا: بالارتكاز غير المردوع عنه، وثانيا: بإطلاقات الأمر بالقضاء بالحق والعدل، وثالثا: بما مضى من حديث سليمان بن خالد: (كيف أقضي فيما لم أر ولم أشهد؟) الدال على جواز القضاء بما رأى وشهد، بينما العلم الحدسي للقاضي غير حجة بالبيان الذي عرفت.
ويمكن الاستدلال على هذا التفصيل بوجهين آخرين:
الأول - ما مضى من حديث سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " في كتاب علي (عليه السلام) أن نبيا من الأنبياء شكى إلى ربه فقال: يا رب كيف أقضي فيما لم أر ولم أشهد؟، قال: فأوحى الله إليه: أحكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي فحلفهم (تحلفهم) به، وقال: هذا لمن لم تقم له بينة " (1). بناء على أن قوله: " فيما لم أر ولم أشهد " إشارة إلى مطلق العلم الحسي أو ما يقرب من الحس، أو أن العرف يتعدى من فرض الرؤية إلى مطلق العلم الحسي أو ما يقرب من الحس، وحينئذ فالحديث دل على حصر القضاء باليمين والبينة في غير مورد العلم الحسي أو ما يقرب من الحس والقصة وإن وقعت في زمن الأنبياء السالفين، لكن الظاهر من نقلها في هذا الحديث إمضاء ما فيها من حكم، والظاهر من البينة الواردة في آخر الحديث - حسب ما هو