لوضوح عدم حجية شهادة المدعي.
وعلى أي حال فقد اتضح إلى هنا بما لا مزيد عليه:
1 - أن البينة القائمة على أساس الحس هي القدر المتيقن من النفوذ.
2 - أن البينة القائمة على أساس ما يقرب من الحس بالمعنى الذي مضى لا ينبغي الإشكال في نفوذها.
3 - أن البينة القائمة على أساس التعبد لا ينبغي الإشكال في عدم نفوذها.
الشهادة القائمة على أساس الحدس:
بقي الكلام في البينة القائمة على أساس العلم غير القائم على الحس ولا ما يقرب من الحس.
ولا ينبغي الإشكال في أن مقتضى الأصل هو عدم النفوذ، لأن علم الشاهد بالنسبة لنفوذ الشهادة يعتبر علما موضوعيا يحتاج نفوذه إلى الدليل التعبدي، وليس علما طريقيا تكون حجية ذاتية له، ولا إطلاق لمثل قوله (صلى الله عليه وآله): " إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان "، فإنه لم يرد إلا لحصر القضاء بالبينة واليمين، أما متى تكون البينة؟
ومتى يكون اليمين؟ فهذا خارج عن عهدة مثل هذا الكلام، ولا لمثل قوله: " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر "، إذ أولا: نحن نحتمل كون الحس دخيلا في حقيقة البينة، وثانيا: ليس الحديث بصدد بيان شروط نفوذ البينة، وإنما هو بصدد بيان من عليه البينة ومن عليه اليمين، واحتمال شرط الحس احتمال عرفي، وليس على خلاف الارتكاز كي ينفى بإطلاق مقامي.
وبالإمكان أن يتوهم أننا نخرج من هذا الأصل بما مضى قبل صفحات من الحديث الثالث لمعاوية بن وهب قال: " قلت له: إن ابن أبي ليلى يسألني الشهادة