قد يقال: إن الشهود لا يعلمون حتى بأصل الحق، وإنما صاحب الحق هو الذي يعلم بالحق، فقد وقع السؤال عن أنه هل يجوز له إقامة شهود زور لإحقاق حقه، أو لا؟ ومن هنا قد يتأتى احتمال أن حرمة الشهادة أو حرمة الاستشهاد نشأت هنا من عدم علم الشهود بأصل الحق، فلا تنافي بين النهي في هذا الحديث عن شهادة الزور والرخصة فيها عند علم الشهود بأصل الحق في سائر الروايات، إلا أن التعليل الوارد في هذا الحديث لا ينسجم مع هذا التفسير، وهو التعليل بالتدليس، فإن التدليس يتقوم بكون الشهادة زورا سواء علم الشاهد بأصل الحق، أو لا.
وعلى أي حال فقد عرفت أن الروايات كلها ضعيفة السند، وعرفت أنها جميعا أجنبية عن المقام.
شهادة الزور في محاكم الجور:
وبهذه المناسبة لا بأس بالإشارة إلى ما تقتضيه القاعدة في شهادة الزور بهدف إحقاق الحق في محكمة الجور، فهل نقول بجوازها ما دامت المحكمة محكمة جور، أو لا؟
الظاهر عدم الجواز لحرمة التدليس والكذب، إلا إذا زاحمت هذه الحرمة واجبا أهم كحفظ النفس أو العرض.