بينما في الطرف المقابل لم يكن إلا خبر واحد.
وهذا يرد عليه صغرويا ما أوردناه على الوجه الثاني من أنه لا مبرر للتعدي إلى القضايا الفردية البحتة - كالطهارة والنجاسة - لوجود احتمال الفرق، وأما كبرويا فهذا مبني على أن حجية الظهور تشمل الظهور المتحصل من مجموع أدلة متفرقة عند ملاحظتها جميعا كخطاب واحد. وقد أفاد أستاذنا الشهيد (رحمه الله) في البحوث (1) في مقدمة نقل روايات حجية خبر الثقة في الموضوعات: أن هذا متوقف على حجية الظهور المتحصل من مجموع روايات متفرقة عند ملاحظتها كخطاب واحد، وقال (رحمه الله): " قد تعرضنا إلى ذلك في الأصول ".
أقول: قد تعرض أستاذنا الشهيد (رحمه الله) في الأصول لتوجيه فني للكلام الموروث عن المحقق النائيني (رحمه الله) وهو أن ما يكون قرينة في حال الاتصال فهو قرينة في حال الانفصال.
وهو: أن الكلامين المتنافيين كالعام والخاص اللذين يفرض التصرف في أحدهما بقرينة الآخر إذا كان أحدهما حين الاتصال قرينة للتصرف في الآخر، فعند الانفصال ودوران الأمر بين أن يكون ما هو القرينة حين الاتصال هو القرينة أيضا حين الانفصال، أو العكس يكون الأول أولى، لأنه لو فرض الخاص مثلا في مثال العام والخاص الذي كان قرينة في فرض الاتصال قرينة أيضا في فرض الانفصال، فقد ارتكب المتكلم مخالفة واحدة للأصول العقلائية، وهي أصالة الاتصال بين القرينة وذي القرينة، فقد جعل ما يصلح للقرينية في ذاته قرينة، إلا أنه فصل القرينة عن ذيها. أما لو فرض العكس فقد ارتكب مخالفتين: إحداهما فصل القرينة عن ذيها، والثانية فرض القرينية لما هي غير صالحة للقرينية في ذاتها وبغض