النظر عن مشكلة الانفصال بدليل أنه لو وصل بينهما لما حمله العرف على القرينية.
وهذا الكلام لو طرح على شكل الحساب الرياضي والبرهان العقلي فهو غير تام، إذ كون ما هو قرينة عند الاتصال قرينة عند الانفصال أول الكلام، وإذا لم يكن قرينة عند الانفصال فحمل كل منهما على القرينية للآخر فيه مخالفة واحدة للأصول العقلائية لا أكثر.
ولعله لهذا جاء في تعارض الأدلة للسيد الهاشمي - حفظه الله - تقريرا لبحث أستاذنا الشهيد (رحمه الله) توجيه لهذا البيان، وهو أن هذا وإن لم يكن بالدقة من الدوران بين الأقل والأكثر في المؤونة والمخالفة، ولكن جعل ما ليس قرينة عند الاتصال قرينة عند الانفصال أشد مؤونة في نظر العرف من جعل ما هو قرينة عند الاتصال قرينة عند الانفصال.
أقول: إن قاعدة أن ما كان قرينة عند الاتصال فهو قرينة عند الانفصال يمكن تفسيرها بأحد وجهين:
الوجه الأول - أن يدعى أن نكتة القرينية الموجودة في حال الاتصال دائما هي موجودة في حال الانفصال، إلا أنها في حال الاتصال كانت تهدم الظهور، ولكن في حال الانفصال لا تستطيع أن تهدم الظهور، فيتحول عملها، أو أنها في حال الاتصال كانت تهدم الدرجة الأولى من الدلالة التصديقية، وفي حال الانفصال لا تقوى إلا على هدم الدرجة التصديقية النهائية كما يقول المحقق النائيني (رحمه الله) في القرينة المنفصلة المقيدة للإطلاق.
وخلاصة القاعدة الميرزائية على هذا التفسير هي أن نكتة القرينية منحفظة في كلتا حالتي الاتصال والانفصال، ولكن بما أنها في حالة الاتصال تهدم الظهور فلذا سيكون الإحساس بقرينيتها واضحة وبارزة عند الاتصال، بخلاف حالة الانفصال التي هي غير قادرة فيها على هدم الظهور، أو على هدم الدلالة التصديقية الأولى،