وحفظ الأمن، وما شابه ذلك من التعابير، وهذا ما يقوم به الحاكم بوصفه وليا للأمر، أو وكيلا عنه إن كانت وكالته شاملة لأمور من هذا القبيل لا بوصفه قاضيا، فإن معنى القضاء عرفا لا يشمل هذا المورد.
وإن شئت فعبر عما ذكرناه بأحد التعبيرات الآتية - التي لعلها أقرب إلى الفهم، وإن كانت هي غير دقيقة وقابلة للنقوض، والتعبير الدقيق هو ما ذكرناه -:
1 - أن يقال: إنه متى ما كان النزاع في رفع الظلم فهذا بابه باب القضاء، ويكون مشمولا لقوانين المدعي والمنكر، ومتى ما كان النزاع في دفع الظلم فهذا بابه باب النهي عن المنكر من دون أي ارتباط بباب القضاء.
2 - أن يقال: إنه متى ما كان النزاع في تدارك حق أهدر فهذا بابه باب القضاء، ومتى ما كان النزاع في إهدار حق فهذا بابه باب النهي عن المنكر أجنبيا عن باب القضاء.
3 - أن يقال: إنه متى ما كان النزاع راجعا إلى الماضي فهذا بابه باب القضاء، ومتى ما كان راجعا إلى المستقبل فهذا بابه باب دفع المفسدة والظلم والنهي عن المنكر بعيدا عن باب القضاء.
وهذه التعبيرات الثلاثة - كما قلنا - غير دقيقة.
وهناك تعبير آخر دقيق وفي نفس الوقت قريب إلى الفهم، وهو أن القضاء عرفا يعني إدانة المدعي أو المنكر، أو تبرئته، فمتى ما كان الباب باب الوقاية ودفع الظلم من دون اشتماله على الإدانة أو التبرئة، لم تثبت فيه أحكام المدعي والمنكر.
والأساس الذي يعتمد عليه القاضي في مثل هذا المورد إنما هو إعمال ولاية الفقيه، وقانون النهي عن المنكر لو كان لدليله إطلاق لمثل ذلك، وقانون تقديم المحتمل الأهم عندما كانت أهميته إلى مستوى نعلم برضا الشارع بتقديمه على المعلوم غير الأهم.