انفصالا في عالم اللغة، وهو أشبه شئ بما لو تكلم المتكلم بالعام ثم أغمي عليه ساعات، وبعد أن أفاق أتى بالخاص، أفهل يفترض عندما انقطع كلامه بالإغماء أن ظهور كلامه قد استقر؟! طبعا لا. وهكذا حال هذا المدرس، وكذلك حال الشريعة الإسلامية.
إلا أن هذا الوجه إن قصد به دعوى عدم انعقاد الظهور ما لم نحط بكل المنفصلات المحتمل قرينيتها، - وقد لا نستطيع أن نحيط بذلك لاحتمال تلف كثير من النصوص - فلا أظن أحدا يلتزم بهذه النتيجة، ولم يصل ديدن الشريعة على فصل المتصلات إلى مستوى نقول فيه بعدم استقرار الظهور عند انتهاء الكلام لاحتمال مجئ قرينة منفصلة.
وإن قصد به - بعد الاعتراف بأن ديدن الشريعة على فصل المتصلات لم يبلغ مستوى عدم انعقاد الظهور -: أن نفس قيام ديدن الشريعة على فصل المتصلات يجعل الإنسان العرفي متقبلا مفسرية بعض النصوص لبعض رغم الانفصال، فهذا وحده لا يكفي لاثبات أن ما كان قرينة لدى الاتصال هو القرينة أيضا لدى الانفصال رغم أن نكتة القرينية كانت كامنة في نفس الاتصال لا في ذات القرينة، بل لا بد من ضم ذلك إلى ما مضى من أن جعل ما كان قرينة لدى الاتصال قرينة لدى الانفصال أولى من جعل ما لم يكن قرينة لدى الاتصال قرينة لدى الانفصال، فكأن الدليل على قرينية الخاص على العام مثلا صار مؤتلفا من مقدمتين: الأولى: أن كون ديدن الشريعة على الفصل بين المتصلات جعل العرف يتقبل فرض قرينية أحدهما على الآخر رغم الانفصال. والثانية: إن قرينية ومفسرية ما كان كذلك في فرض الاتصال أولى من قرينية ومفسرية الآخر، وهذا رجوع إلى ما ناقشناه آنفا.
ومن هنا نحن نبني في باب القرائن التي تفقد نكتة قرينيتها لدى الانفصال على أن المقياس في التقديم والقرينية لدى الانفصال إنما هو الأقوائية، فلو فرض صدفة