الثاني - ما ورد بسند تام عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" سألته عن رجل كانت له عندي دنانير، وكان مريضا، فقال لي: إن حدث بي حدث فأعط فلانا عشرين دينارا، وأعط أخي بقية الدنانير، فمات ولم أشهد موته، فأتاني رجل مسلم صادق، فقال لي: إنه أمرني أن أقول لك: أنظر الدنانير التي أمرتك أن تدفعها إلى أخي، فتصدق منها بعشرة دنانير أقسمها في المسلمين، ولم يعلم أخوه أن عندي شيئا. فقال: أرى أن تصدق منها بعشرة دنانير " (1).
ودلالة هذا الحديث أيضا قابلة للمناقشة، ذلك لأن جهة السؤال في كلام السائل مرددة بين أمرين، فبناء على أن إجمال السؤال في مثل ذلك يسري إلى الجواب - لا أن ترك الاستفصال يعطي للجواب إطلاقا يشمل كلا احتمالي السؤال - يصبح الجواب في المقام مجملا. أما الاحتمالان الواردان في السؤال: فأحدهما كونه سؤالا عن حجية خبر الثقة الذي أخبره بوصية المتوفى، والثاني كونه فارغا عن أن المخبر قد صدق في إخباره، إلا أن الوارث وهو أخوه - مثلا - غير مطلع على هذه الوصية، فلو اطلع على قصة هذا الرجل فسيطالبه بالبينة، وهو لا يمتلك بينة، أو يطالبه بالحلف - مثلا - ما دام لا يجد بينة، وإنما لم يفعل ذلك لأنه لا يعلم أصلا بوجود مال من أخيه لدى هذا الرجل، فهل من حقه أن يعمل بما علمه من الوصية من دون إخبار أخيه؟ أوليس من حقه ذلك قبل تصفية الحساب مع من لو اطلع على الأمر كان له رفع القضية إلى الحاكم ومطالبته بالبينة أو اليمين؟ فأجاب الإمام (عليه السلام): بأن يتصدق منها بعشرة دنانير.
وقد تحصل بذلك أنه لو استظهر من دليل عدم حجية خبر الواحد في مورد خاص من الشبهات الموضوعية عدم حجيته في الشبهات الموضوعية مطلقا،