الفعلية لا تجتمع في أصلين متعارضين، إذن لا يمكن أن يكون كل منهما مدعيا ومنكرا في وقت واحد، إلا إذا كانت هناك مرافعتان كي يكون أحدهما مدعيا بالنسبة لإحدى المرافعتين ومنكرا بالنسبة للمرافعة الأخرى. وفي المسألة الثانية لا توجد مرافعتان، فإن دعوى كل واحد منهما الملكية لو قوبلت بمجرد نفي الآخر ملكيته لا تشكل مرافعة في مفروض الكلام، وإنما الذي شكل المرافعة هو أن كلا منهما يدعي الملكية لنفسه، بينما يستحيل اجتماع ملكيتين مستقلتين على مال واحد، فلا توجد إلا مرافعة واحدة، واليدان متعارضتان، لأن مفاد كل من اليدين ينفي مفاد اليد الأخرى بطبيعته، لاستحالة صدقهما معا، فهما متساقطتان، وتصل النوبة إلى أصالة عدم مالكية هذا وأصالة عدم مالكية ذاك، وهذان الأصلان لا يتعارضان، لاحتمال صدقهما معا بأن لا يكون هذا مالكا ولا ذاك مالكا، فكل منهما مدع لأنه يدعي ما هو خلاف الأصل. نعم، قد يتفق أننا نعلم صدفة بكذب أحد الأصلين إجمالا، لكن العلم الذي يتفق صدفة فيسقط الأصل في نظر العالم لا يسقط المنكر عن كونه منكرا، وليس كالعلم بكذب إحدى اليدين الذي أسقط اليدين الناشئ من استحالة اجتماع صدقهما ذاتا، وإلا لكان علم القاضي أو أي إنسان ثالث بكذب المنكر في أي دعوى حصل فيها علم من هذا القبيل مخرجا للمنكر عن كونه منكرا، لأنه سقط أصله في نظر هذا العالم، بينما الأمر ليس كذلك، فالمنكر منكر ولو علمنا صدفة كذبه، كما أن المدعي مدع ولو علمنا صدفة صدقه.
وأما في المسألة الأولى، فكل واحد من الإيجارين يكفي دعواه من قبل أحدهما وإنكاره من قبل الآخر في تشكيل المرافعة، بغض النظر عن دعوى الإيجار الآخر. إذن فهناك مرافعتان - هذا بغض النظر عما مضى سابقا في مسألة تداعي البيع والهبة اللازمة عن أستاذنا الشهيد (رحمه الله): من أن دعوى الهبة مع اتفاقهما على أصل التمليك لا أثر لها، ولا تشكل مرافعة، وكذلك نقول في المقام: إن دعوى الإيجار