وإن خطته فارسيا - وهو الذي يكون بدرزن واحد - فلك نصف درهم، صح العقد (1).
قال محمد بن إدريس: ما ذكره شيخنا في المسألتين غير واضح، والذي تقتضيه أصول مذهبنا، أن الإجارة باطلة، لأن الأجرة غير معينة، ولا مقطوع عليها وقت العقد، ولأن المؤجر لم يستحق على المستأجر في الحال (2) عملا بعينه، فهو بالخيار في ذلك، ومن شرط صحة الإجارة استحقاق عمل مخصوص على المستأجر للمستأجر، وعقد الإجارة على هذا التحرير باطل، فإن عمل كان له أجرة المثل، ولأن عقد الإجارة حكم شرعي، يحتاج في ثبوته إلى دليل شرعي، فمن أثبته يحتاج إلى دليل، والأصل براءة الذمة، وإن قلنا: هذه جعالة كان قويا، فإذا فعل الفعل المجعول عليه، استحق الجعل، كرجل قال: من حج عني فله دينار، فهذه جعالة بلا خلاف.
فأما تمسك شيخنا أبي جعفر في صحة المسألتين، فإنه قال: دليلنا أن الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دليل، وقوله عليه السلام: (المؤمنون عند شروطهم) وفي أخبارهم ما يجري مثل هذه المسألة بعينها منصوصة، وهي أن يستأجر منه دابة على أن يوافي بها يوما بعينه، فإن لم يواف بها ذلك اليوم، كان أجرتها أقل من ذلك، وإن هذا جائز، وهذه مثلها بعينها سواء، هذا آخر استدلال شيخنا (3) وما ذكره رحمه الله ليس فيه دليل يدفع به خصمه.
أما قوله: " الأصل جواز ذلك " بل الأصل براءة الذمم، فمن شغلها بأمور شرعيات وعقود لازمات، والعقد حكم شرعي لا عقلي، يحتاج مثبته إلى دليل شرعي، والأصل أن لا عقد.
فأما قوله: " المؤمنون عند شروطهم " فهو إذا كان الشرط شرعيا، لا يمنع منه كتاب ولا سنة، والسنة منعت من الشروط التي تفضي إلى الغرر.