صاحبه: أذنت لك. في قطعه قميصا، فقطعته قباء، وقال الخياط: بل أذنت في قطعه قباء، فالقول في ذلك قول رب الثوب، دون الخياط، لأن الثوب له، والخياط مدع للإذن في قطع القباء، فعليه البينة.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل الخلاف في كتاب الوكالة: القول قول الخياط (1)، إلا أنه رجع عن ذلك أيضا، في مسائل الخلاف، في كتاب الإجارات، وقال: القول في ذلك، قول صاحب الثوب (2)، وهذا هو الصحيح.
يجوز إجارة الدراهم والدنانير، لأنه لا مانع منه، ولأنه يصح الانتفاع بها، من غير استهلاك عينها، مثل الجمال، والنظر، والزينة، وكذلك يجوز إجارة الحلي من الذهب والفضة، لما قدمناه، فإذا ثبت ذلك، فيحتاج أن يعين جهة الانتفاع بها، فإن عين، صح، وإن أطلق، لم تصح الإجارة، ويكون قرضا، هكذا قال شيخنا في مبسوطه (3).
ولو قلنا إنه تصح الإجارة، سواء عين جهة الانتفاع أو لم يعين، كان قويا، إذ لا مانع منه، ولا يكون قرضا، لأنه استأجرها منه، ومن المعلوم أن العين المستأجرة، لا يجوز التصرف في ذهاب عينها، بل في منافعها، فيحمل الإطلاق على المعهود في الشرع والعرف.
والذي يقوى في نفسي بعد هذا جميعه، أن الدنانير والدراهم لا يجوز إجارتها، لأنه في العرف المعهود لا منفعة لها إلا بإذهاب أعيانها، وأيضا فلا خلاف أنه لا يصح وقفهما، فلو صح إجارتهما، صح وقفهما، فأما المصاغ منهما، فإنه يصح إجارته، لأن له منفعة يصح استيفاؤها مع بقاء عينه، وربما حققنا القول في ذلك، وأشبعناه في آخر الباب، إن شاء الله تعالى.
يجوز إجارة كلب الصيد والماشية، والحائط، والزرع، لأنه لا مانع منه،