فإذا تطوعت الزوجة بإرضاع الولد، لم يجبر الزوج على ذلك، وكان له أن يمنعها منه، لأن الاستمتاع الذي هو حق له، يخل باشتغالها بالرضاع، فكان له منعها من ذلك.
وإن تعاقدا عقد الإجارة على رضاع الولد، لم يصح، لأنها أخذت منه عوضا في مقابلة الاستمتاع، وعوضا آخر في مقابلة التمكين من الاستمتاع، فأما إذا بانت منه، صح أن يستأجرها للرضاع، لأنها قد خرجت عن حبسه، وصارت أجنبية.
والأقوى عندي أنه يصح استيجارها على الرضاع، سواء كانت باينا، أو في حباله، وما ذكرناه، أولا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي، في مبسوطه (1)، ولا مانع يمنع من العقد عليها على كل حال، وهذا رأي السيد المرتضى، وهو الذي يقتضيه أصول مذهبنا.
فإذا بذلت الرضاع متطوعة بذلك، كانت أحق بالولد من غيرها، وإن طلبت أكثر من أجرة المثل في الرضاع، والأب يجد من يتطوع له، أو من يرضى بأجرة المثل، لم تكن الأم أولى بالولد من الأب، وللأب أن يسلم الولد إلى غيرها، فإن رضيت بأجرة المثل، وهو لا يجد إلا بأجرة المثل، كانت هي أولى، فإن كان يجد غيرها بدون أجرة المثل، أو متطوعة، كان له أن ينزعه من يدها.
إذا آجر عبده مدة معلومة، ثم إنه أعتقه، نفذ عتقه فيه، لأنه مالك الرقبة، كما لو أعتقه قبل الإجارة، فإذا ثبت ذلك، فالإجارة بحالها، وهي لازمة للعبد، وهل له أن يرجع على السيد بأجرة المثل لما يلزمه بعد الحرية؟ قيل: فيه قولان، أحدهما يرجع بأجرة المثل في تلك المدة، والآخر لا يلزمه (2)، وهو الصحيح، لأنه لا دليل عليه، والأصل براءة الذمة.
إذا آجر الأب أو الوصي أو الولي الصبي أو شيئا من أمواله، صح ذلك، كما يصح بيع ماله (3)، فإذا بلغ وقد بقي من مدة الإجارة بعضها، لم يكن له فسخها فيما بقي