كيف ما دارت القصة، فإن بينة الخارج أولى على الصحيح من المذهب، وأقوال أصحابنا، ولقوله عليه السلام المجمع عليه من الفريقين، المخالف والمؤالف، المتلقى عند الجميع بالقبول، وهو: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، فقد جعل عليه السلام، البينة في جنبة المدعي بغير خلاف.
فأما إن كانت العين المتنازع فيها خارجة من يدي المتنازعين (1)، وهي في يد ثالث غيرهما، ثم أقام كل واحد منهما بينة بها، فإن أصحابنا يرجحون بكثرة الشهود، فإن استويا في الكثرة، رجحنا بالتفاضل في عدالة البينتين، فيحكم في المال المتنازع فيه، ويقدم بينة صاحب الترجيح مع يمينه، فإن استويا في جميع الوجوه، فالحكم عند أصحابنا المحصلين القرعة، على أيهما خرجت، أعطي، وحلف للآخر أنه يستحقه، وهو له، فإن لم يكن ترجيح، وهو في يد ثالث، وأقام أحدهما بينة بقديم الملك، والآخر بحديثه، وكل منهما يدعي أنه ملكي الآن، وبينة كل واحد منهما تشهد بأنه ملكه الآن، غير أن إحدى البينتين، تشهد بالملكية الآن، وبقديم الملك، والأخرى تشهد بالملكية الآن، وبحديث الملك (2)، مثاله إن إحدى البينتين تشهد بالملك منذ سنتين، والأخرى منذ سنة، فالبينة بينة قديم الملك، وهي المسموعة، والمحكوم بها، دون بينة حديث الملك، لأن حديث الملك، لا يملكه، إلا عن يد قديمة، فهو مدعي الملكية عنه، ولا خلاف أنا لا نحكم بأنه ملك عنه، لأنه لو كان عنه ملك، لوجب أن يكون الرجوع عليه بالدرك، فإذا لم يحكم بأنه عنه ملك، بقي الملك على صاحبه، حتى يعلم زواله عنه.
وكذلك تكون بينة صاحب السبب، أولى في هذه المسألة، إذا كانت العين المتنازع فيها في يد ثالث، وخارجة من أيديهما، عند بعض أصحابنا، والأقوى عندي استعمال القرعة هاهنا، وإن لا يجعل لصاحب السبب هاهنا ترجيح، لأن