هو الدائم، فعليه الدليل، لأنه موافق في خروج الولاية من يده في العقود كلها، من البيع وغيره، وفي أحد قسمي النكاح.
وأيضا فشيخنا أبو جعفر قال في مسائل خلافه: مسألة، إذا كان أولى الأولياء مفقودا أو غائبا غيبة من منقطعة، أو على مسافة قريبة أو بعيدة، وكلت وزوجت نفسها، ثم قال في استدلاله: دليلنا ما قدمناه في المسألة الأولى سواء، من أنه لا ولاية لغير الأب والجد، ومتى كان أحدهما غائبا كان للآخر تزويجها، وإن غابا جميعا وكانت بالغا كان لها أن تعقد على نفسها، وتوكل من شاءت من باقي الأولياء (1) هذا آخر كلام شيخنا في المسألة.
فانظر أرشدك الله إلى كلامه رحمه الله فهل ترى للخلاف معنى؟ لأن من جعل له الولاية، لا يقول أن مع الغيبة تسقط، لأن ولي الصغيرة من الأب والجد، إذا غابا لا تسقط ولايتهما عنها بحال، ولا يجوز تزويجها إلا بإذنهما، لأن لهما عليها الولاية بغير خلاف، وكذلك حالها عند البلوغ، لا تزول ولايتهما عند من ذهب إلى ذلك من أصحابنا إذ لا فرق بين الموضعين، وأيضا فشيخنا أبو جعفر الطوسي، قد رجع وسلم المذهب بالكلية في كتابه كتاب التبيان، ورجع عما ذكره في نهاية، وسائر كتبه، لأن كتاب التبيان صنفه بعد كتبه جميعها، واستحكام علمه، وسبره للأشياء، ووقوفه عليها، وتحقيقه لها، فقال في تفسير قوله تعالى: " إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح " (2) فإنه قال:
لا ولاية لأحد عندنا، إلا للأب والجد، على البكر غير البالغ، فأما من عداهما فلا ولاية له (3) فهذا قوله في كتاب التبيان المشتمل على تفسير القرآن، وإذا كان لا إجماع في المسألة من أصحابنا، والأصول من الأدلة شاهدة لما ذهبنا إليه واخترناه، فلا معدل عنه، وشيخنا أبو جعفر الطوسي محجوج بقوله هذا الذي