أن يتزوج بأم هذا المرضع وبأخته وبجدته.
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: أما تزويجه بأخته وبجدته، فلا يجوز بحال، لأنا في النسب لا نجوز أن يتزوج الإنسان بأخت ابنه، ولا بأم امرأته بحال، وإنما الشافعي علل ذلك بالمصاهرة، وليس هاهنا مصاهرة، وكذا في قوله وسؤاله نفسه " أليس لا يجوز له يتزوج أم أم ولده من النسب ويجوز أن يتزوج أم أم ولده من الرضاع " أجاب " بأن أم أم ولده من النسب ما حرمت النسب، وإنما حرمت بالمصاهرة قبل وجود النسب " وعلل ذلك بالمصاهرة، فلا يظن ظان بأن ما قلناه كلام شيخنا أبي جعفر.
والذي يقتضيه مذهبنا، أن أم أم ولده من الرضاع محرمة عليه، كما أنها محرمة عليه من النسب، لأنه أصل في التحريم، من غير تعليل، فعلى هذا امرأة لها لبن أرضعت بنتا لقوم، الرضاع المحرم، ولتلك البنت المرضعة أخت، فإنه يحل لابن المرضعة الذي قد شربت هذه البنت المرضعة منه، أن يتزوج بأختها، وهي أخت أخته من الرضاع، لما مضى من الأصل، وهو أنه إنما يحرم هذا المرضع وحده، ومن كان من نسله، دون من كان في طبقته وهذه من طبقته، لأنه لا نسب بينه وبين أخت أخته، ولا رضاع.
ومثاله في النسب، رجل له ابن تزوج امرأة لها بنت، فولدت منه بنتا، فهذه البنت أخت ابنه من أبيه، فله أن يتزوج بأختها التي هي بنت زوجة أبيه من غير أمه، وهي أخت أخته من النسب، لأنه لا نسب بينهما، ولا رضاع.
وهكذا يجوز له أن يتزوج أخت أخيه من الرضاع، بيانه امرأة لها ابن كبير وابن صغير، ثم إن أجنبية لها بنت أرضعت هذا الصغير، فإن هذا الصغير أخو هذه الصغيرة من الرضاع، ولهذا الابن الكبير أن يتزوج بهذه الصغيرة، وهي أخت أخيه كما قلناه في النسب.
وعلى هذا يدور كتاب الرضاع، فكلما نزلت بك حادثة فارجع إليه، واعتبر هذا به.