وجود أمثاله، وسعة ذلك على الناس، وكثرته، فلا بأس أن يحبسه صاحبه، ويطلب بذلك الفضل.
ومتى ضاق على الناس الطعام، ولم يوجد إلا عند من احتكره، كان على السلطان، والحكام من قبله، أن يجبره على بيعه، ويكرهه عليه، ولا يجوز أن يجبره على سعر بعينه، ولا أن يسعر عليه، بل يبيعه بما يرزقه الله تعالى، ولا يمكنه من حبسه، أكثر من ذلك.
وقال شيخنا المفيد، في مقنعته: وللسلطان أن يكره المحتكر على إخراج غلته، وبيعها في أسواق المسلمين، إذا كانت بالناس حاجة ظاهرة إليها، وله أن يسعرها على ما يراه من المصلحة، ولا يسعرها بما يخسر أربابها فيها (1).
والأول مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته (2)، ومسائل خلافه (3)، ومبسوطه (4)، وجميع كتبه، وهو الصحيح الذي يقوى في نفسي، لأن عليه الإجماع، وبه تواترت الأخبار، عن الأئمة الأطهار، وأيضا الأصل براءة الذمة، من إلزام هذا المكلف التسعير، وأيضا إثبات ذلك، حكم شرعي، يحتاج فيه إلى دليل شرعي.
وروي عن النبي عليه السلام، أن رجلا أتاه، فقال: سعر على أصحاب الطعام، فقال: بل ادعوا الله، ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله، سعر على أصحاب الطعام، فقال: بل الله يرفع ويخفض، وإني لأرجو أن ألقى الله وليست لأحد عندي مظلمة (5).
فإذا ثبت ذلك، فإذا خالف إنسان من أهل السوق، بزيادة سعر، أو نقصانه، فلا اعتراض عليه لأحد.