وإلى هذا يذهب شيخنا في نهايته (1) وهو مذهب أصحابنا أجمع، وبه تواترت أخبارهم.
وذهب شيخنا في مسائل خلافه، إلى أن لقطة غير الحرم، يعرفها سنة، ثم هو مخير بعد السنة، بين ثلاثة أشياء، بين أن يحفظها على صاحبها، وبين أن يتصدق بها عنه، ويكون ضامنا إن لم يرض صاحبها بذلك، وبين أن يتملكها ويتصرف فيها، وعليه ضمانها إذا جاء صاحبها (2).
فهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة، اختاره هاهنا، لأن بينهما خلافا في لقطة الفقير والغني، والصحيح الحق اليقين، إجماع أصحابنا، على أنه بعد السنة يكون كسبيل ماله، أو يتصدق بها بشرط الضمان، ولم يقولوا هو بالخيار بعد السنة في حفظها على صاحبها.
وشيخنا أبو جعفر في الجزء الأول من مسائل خلافه، ومبسوطه، قال:
مسألة، إذا وجد نصابا من الأثمان، أو غيرها من المواشي، عرفها سنة، ثم هو كسبيل ماله وملكه، فإذا حال بعد ذلك حول، وأحوال، لزمته زكاته، لأنه مالك، وإن كان ضامنا له، وأما صاحبه فلا زكاة عليه، لأن مال الغائب الذي لا يتمكن منه، لا زكاة فيه، وقال الشافعي: إذا كان بعد سنة، هل يدخل في ملكه بغير اختياره؟ على قولين، أحدهما وهو المذهب، أنه لا يملكها إلا باختياره، والثاني يدخل بغير اختياره، فإذا قال لا يملكها إلا باختياره، فإذا ملكها، فإن كان من الأثمان، يجب مثلها في ذمته، وإن كان ماشية وجب قيمتها في ذمته، فأما الزكاة، فإذا حال الحول من حين التقط، فلا زكاة فيها، لأنه أمين، وأما صاحب المال، فله مال لا يعلم موضعه على قولين، مثل الغصب، وأما الحول الثاني، فإن لم يملكها، فهي أمانة أبدا في يده، ورب المال على قولين، مثل الضالة، وإذا ملكها الملتقط، وحال الحول، فهو كرجل له ألف، وعليه ألف، فإن قال: الدين يمنع، فهاهنا يمنع، وإن قال: الدين لا يمنع، فهاهنا لا يمنع، إذا لم يكن له