مضى تفصيله منا فيما سبق (1): وهو أن ماهية الصوم المأمور به هل هي الحقيقة اللغوية، وهو الامساك عن شئ ما، والشرع تدخل فيها بتعيين الزمان المحدود، وبالمفطرات الخاصة، والمفطرات الشرعية خارجة - كنية تركها - من تلك الماهية، بل هي تصير من أحكام الصائم؟ فعندئذ إذا قصد الصوم والامساك في الزمان المحدود شرعا، وترك المفطرات الشرعية من باب الاتفاق، صح صومه، لأن جميع المأمور به هو هذا فيجزئ فلا تعتبر النية الاجمالية، ولا التفصيلية.
ونظيره التروك وقواطع الصلاة، فإنها ليست دخيلة في ماهيتها حتى عند الأخصي إلا عند أخص الخاصي، كما تبين في أصولنا (2). فلو قصد الصلاة واتفق تركها، صحت بلا إشكال.
أو هو نظير الحج عند المشهور، في أن نية ترك المحرمات دخيلة في تحقق الاحرام، فلو لم ينو لا يتحقق الاحرام (3) بل لو قلنا: بأن الحج مثل الصلاة - كما هو الحق، وعليه الوالد المحقق مد ظله (4) - ولكن الصوم ليس مثلهما، لأن حقيقته القصد، وقصد الامساك لا يتحقق إلا إضافة إلى شئ يعد مفطرا.
اللهم إلا أن يقال: بأن قصد الصوم والامساك عن شئ ما، ربما ينطبق على الكلام، وعليه فلا بد وأن يتحقق الصوم لو بنينا على أن ترك سائر