الحفظ في الركعتين الأوليتين.
الأمر الخامس: لو قامت البينة أو الخبر الواحد بناء على اعتباره على خلاف الظن، فتارة تقوم البينة عند شخص الظان، كما لو فرض أن المأموم، كان ظانا وقامت البينة عنده على خلاف ظنه. وأخرى تقوم البينة عند الشاك، كما لو قامت البينة في الفرض عند الإمام، فإن قامت البينة عند شخص الظان على خلاف ظنه، فالظاهر أنه يكون من باب تعارض الحجتين، لأن كلا من البينة والظن حجة. وليس أحدهما حاكما على الآخر، إذ لم يؤخذ في حجية أحدهما ما يكون الآخر رافعا له حتى تتحقق الحكومة. فلا بد من وقوع التعارض بينهما ويكون حكمه حكم الشاك هذا بالنسبة إلى المأموم الظان الذي قامت البينة عنده على الخلاف.
وأما بالنسبة إلى الإمام الشاك الذي اطلع على قيام البينة عند المأموم، فإن قلنا: إن قيام البينة عند أحد لا يوجب حجيتها بالنسبة إلى من اطلع عليها بل حجية البينة مقصورة بمن قامت عنده أو تعقبها حكم الحاكم فلا إشكال في المسألة. فإن البينة القائمة عند المأموم لا تكون حجته بالنسبة إلى الإمام، فيعمل الإمام على وفق ما يقتضيه شكه. وإن قلنا: بحجية البينة حتى بالنسبة إلى من لم تقم البينة عنده، فأقصاه أنه يقع التعارض أيضا بين البينة وظن المأموم، فإن كلا منهما يكون حجة في حق الإمام فيتعارضان في حقه كما تعارضا في حق المأموم، هذا إذا قامت البينة عند المأموم. وأما إذا قامت البينة عند الإمام على خلاف ظن المأموم، فيقع التعارض أيضا بين البينة وبين ظن المأموم بالنسبة إلى الإمام، وأما بالنسبة إلى المأموم فمبني على حجية البينة القائمة عند الإمام، فإن قلنا:
بحجيتها في حقه أيضا فيقع التعارض بينهما في حق المأموم أيضا، وإن قلنا: بعدم حجيتها إلا بالنسبة إلى من قامت عنده فيكون ظن المأموم حينئذ بلا معارض