التروي عند الشك في الأخيرتين؟ الأقوى عدم الوجوب وذلك لأن وجوب التروي في الأوليتين إنما كان لأجل وجوب الحفظ واليقين فيهما، ولمكان الشك في القدرة على الاتمام لأجل أنه لا يدخلهما الشك. على ما تقدم بيانه. وشئ من الوجهين لا يجري في الأخيرتين لعدم وجوب الحفظ فيهما. والقدرة على إتمام الصلاة بالبناء على الأكثر إذا كان الشك من الشكوك الصحيحة، فلا موجب للتروي. نعم يلزمه مقدار من التروي لأجل إحراز أن الحالة التي هو عليها هل هي حالة الشك أو حالة الظن، وليس له البناء على الأكثر بمجرد عروض الشك ما لم ينظر إلى حالة ثانيا، لاحتمال أن تكون حالته حالة الظن. وهذا في الحقيقة ليس من التروي الذي هو عبارة عن الفحص. فإن الفحص على ما بيناه في الأصول عبارة عن تحصيل مقدمات العلم، لا النظر في المقدمات الحاصلة، كالنظر إلى الأفق لمن كان على السطح، فإن هذا لا يعد فحصا فالتروي الذي نقول به في الركعتين الأخيرتين إنما هو لأجل إحراز عنوان الموضوع، حيث إن موضوع البناء على الأكثر هو الشاك. فلا بد من إحراز أنه شاك. وذلك لا يكون إلا بالنظر إلى حاله ثانيا، وأما الزائد على ذلك فلا دليل على وجوبه والنبوي " إذا شك أحدكم فينظر أحرى ذلك إلى الصواب " (1) لا يدل على اعتبار أزيد مما ذكرناه، فتأمل جيدا.
الأمر الثاني: قد عرفت أيضا أنه لا يجوز المضي على الشك في الركعتين الأوليتين.
فهل الحكم في الأخيرتين كذلك. فليس له المشي على الشك إلا بعد البناء على ما يقتضيه حكم الشك من البناء على الأكثر؟ فيه تفصيل فإنه تارة يمشي على الشك قبل إحراز حاله والنظر إلى نفسه ثانيا، فهذا لا يجوز له المشي على الشك.