ثم إن ما ذكرنا من عدم بقاء الأمر على ما كان عليه لا يختص بالتخيير الشرعي بل يجري في التخيير العقلي أيضا، وإن كان التخيير الشرعي أوضح فحينئذ يكون الأصل عدم جواز العدول مطلقا سواء قلنا بأن الأمر بالسورة من باب التخيير الشرعي أو العقلي.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن توضيح الأمر في العدول يقع في طي مسائل:
الأولى: لا إشكال في جواز العدول من كل سورة إلى (1) الجحد والتوحيد، فيما عدا الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة على ما يأتي بيانه إن شاء الله، ويدل على ذلك عدة من الروايات التي منها ما رواه عمرو بن أبي نصر في الصحيح عن الصادق عليه السلام: في الرجل يقوم في الصلاة يريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون فقال عليه السلام: يرجع من كل سورة إلا " قل هو الله أحد " و " قل يا أيها الكافرون " (2). وغير ذلك من الروايات (3) الظاهرة الدلالة في جواز العدول عن كل سورة.
المسألة الثانية: اختلفت كلمات الأصحاب في حد العدول على أقوال ثلاثة بعد اتفاقهم على عدم جوازه إذا تجاوز ثلثي السورة بل يتعين عليه إتمام تلك السورة فقيل: يجوز العدول إلى أن يبلغ ثلثي السورة وهو المنسوب إلى كاشف الغطاء (4) ويدل عليه رواية عبيد بن زرارة في الموثق في الرجل يريد أن يقرأ السورة. فيقرأ غيرها فقال عليه السلام: له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها (5)