ولو قام دليل على أن نسيان بعض الأجزاء أو زيادتها موجب للبطلان، فينتزع من ذلك ركنية تلك الأجزاء، وحينئذ لا بد من ملاحظة الأدلة الواردة في مرحلة إجزاء السجود وامتثاله. إذ الصور المتصورة في السجود بعد تعلق الأمر به تكون على أنحاء، فإنه يمكن أن لا يأتي بسجود أصلا، ويمكن أن يأتي بسجدة واحدة، ويمكن أن يأتي بسجدتين، ويمكن أن يأتي بثلاث سجدات، ويمكن أن يأتي أربع فما زاد، ونحن لو خلينا وحديث " لا تعاد " لقلنا ببطلان الصلاة ما عدا صورة الاتيان بسجدتين فقط. ولكن بعد قيام الدليل على أن السجدة الواحدة زيادتها ونقيصتها لا يضر نستكشف أن العبرة ببطلان الصلاة هما السجدتان معا في كل من طرف الزيادة والنقيصة، فقولنا إن السجدتين معا ركن عبارة عن أن زيادة السجدتين ونقصانهما عمدا وسهوا يوجب البطلان لأن هذا هو المستفاد من مجموع أدلة الباب ونسمي ما هو المستفاد منها ركنا فأين الاشكال حتى نتعب النفس في الجواب عنه.
وكأن منشأ توهم الاشكال هو تخيل أن التكليف إنما تعلق بمجموع السجدتين على نحو العام المجموعي، فيشكل بانتفاء المجموع عند انتفاء السجدة الواحدة، ولكن قد عرفت أن التكليف بالسجدتين على حد التكليف بسائر الأجزاء، وإنما نستفيد خصوصية السجدتين من أدلة الاجزاء والامتثال فتأمل.
الأمر الثالث يعتبر في السجود أمور ستة: الأول: السجود على سبعة أعضاء الجبهة، والكفين والركبتين والابهامين، وقد عرفت أن وضع الجبهة يكون ركنا في السجود، وعليه يدور الزيادة والنقيصة [السقط من نسخة الأصل] وضع سائر الأعضاء فإنها من واجبات السجود، ولا يدور السجود مدار تحققها.
وعلى كل حال لا إشكال في وجوب وضع الجبهة إنما الاشكال في أنه يعتبر وضع خصوص الجبهة أو يكفي وضع أحد الجبينين أيضا، وينبغي أن يعلم أن الجبهة قد تطلق ويراد بها مجموع ما بين الصدغين على وجه يدخل فيها الجبينان،