الثانية: الظاهر عن اعتبار اليقين والحفظ والاحراز، هو أن يكون اعتباره على نحو الطريقية لا الصفتية، حيث إن الطريقية ذاتية لليقين وقائمة به، والمتبادر منه عند إطلاقه هو ذلك، فاعتباره على نحو الصفتية يحتاج إلى عناية زائدة، وإلا هو بنفسه يقتضي الطريقية. وهذا هو الأصل في كل مورد اعتبر اليقين فيه، حتى في مثل الشهادة التي ورد فيها قوله عليه السلام: " إن كان مثل هذا فاشهد " (1).
وحينئذ تقوم الطرق والأمارات والأصول المحرزة مقامه كما بيناه في محله، فالظن يقوم مقام اليقين في الثنائية والثلاثية وأوليي الرباعية. نعم الاستصحاب لا يقوم مقامه في المقام، وإن كان يقوم مقامه في سائر المقدمات وذلك لالغاء الشارع الاستصحاب في باب الصلاة، بل الظاهر من قوله عليه السلام:
" لا يدخلهما الشك ". هو أن الشك مبطل لهما والمفروض أن الشك في باب الاستصحاب أخذ موضوعا، والحكم الذي رتب على نفس الشك لا يمكن أن يجري الاستصحاب فيه، لأن الاستصحاب إنما يجري بالنسبة إلى الآثار المترتبة على الواقع عند الشك، وفي المقام الشك تمام الموضوع للحكم بوجوب الإعادة، فلا يجري فيه الاستصحاب، فتأمل جيدا (2).
الثالثة: ليس الشك بمجرد حدوثه مبطلا كالحدث، إذ لا إشكال في أنه لو تبدل شكه باليقين صحت صلاته، ولو كان حدوثه مبطلا لما كان وجه لذلك، بل يعتبر في بطلان الشك استقراره، وبعد استقراره ليس الجري والمضي في جزء من أجزاء حال كون شاكا، وإن علم زوال شكه بعد ذلك، كما إذا كان في السجود وشك في أن ما بيده هي الأولى أو الثانية، وكان هناك مصل في جنبه قد