إلا أن الذي يكون وافيا بجميع القواعد هو حديث " لا تعاد " فالمهم في المقام هو البحث عن مفاد " لا تعاد " ومقدار شموله، فنقول: هذا الحديث الشريف يتحمل معنيين:
الأول: هو أن يكون مفاد " لا تعاد الصلاة إلا من خمس " (1) هو أنه يمضي في صلاته، وإذا ترك أي جزء من أجزائها، ما عدا الأجزاء الركنية، وليس عليه شئ ولا يعيدها، سواء تركه عن عمده أو جهل أو نسيان، ومعلوم أنه بناء على هذا لا بد أن يكون أجزاء الصلاة من باب الواجب في واجب، فيكون الواجب الارتباطي هو خصوص الأركان، وما عداها يكون واجبا في واجب. إذا لا يعقل كونها أجزاء مع أن تركها العمدي لا يوجب شيئا من بطلان وإعادة، فلا محيص بناء على هذا المعنى من أن تكون الأجزاء من قبيل الواجب في الواجب، وعليه يحصل التعارض بين حديث " لا تعاد " وبين ما دل على اعتبار الأجزاء على نحو الجزئية ك " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (1) وغير ذلك من أدلة الأجزاء والشرائط.
ويخرج الحديث عن كونه حاكما على تلك الأدلة بل يكون معارضا لها تعارضا تباينيا، وهذا - كما ترى - مما لا يمكن الالتزام به، لأن نفس سياق الحديث يأبى عن ذلك، فإن لسانه لسان الحكومة كما يظهر من صدره، حيث إنه ظاهر في أن سؤال زرارة إنما هو بعد الفراغ عن كونها أجزاء، لا واجبا في واجب، فراجع الحديث، فظهر أن ذهاب بعض - إلى أن حديث " لا تعاد " لا يختص بالناسي، بل يشمل الجاهل والعامد أيضا، غايته أن العامد خرج بالاجماع، حيث قام على