ثم إن ما ذكرنا من أن الفعل الكثير قد يكون ماحيا للصورة وقد لا يكون فإنما هو فيما إذا لم يكن من سنخ أفعال الصلاة كالوثبة والأكل والشرب وغير ذلك، وأما إذا كان من سنخ أفعال الصلاة فهو غير موجب لمحو الصورة بلغ ما بلغ. نعم يوجب فوات الموالاة والتتابع بين الأجزاء إذا بلغ حد ذلك كما إذا قرأ دعاء أبي حمزة مثلا في أثناء الفاتحة وما شابه ذلك من الأذكار التي توجب فوات الموالاة العرفية (1) ومن جملة ذلك الصلاة الواقعة في أثناء صلاة فإنها أيضا لا توجب محو الصورة، وإنما توجب فوات الموالاة، فينبغي التفصيل بين صورة العمد والسهو.
وحيث انجر الكلام إلى ذلك فلا بأس بالإشارة إلى حكم الصلاة في أثناء صلاة من حيث الصحة والفساد والتفصيل بين صورة العمد والسهو فنقول:
إن افتتاح صلاة في أثناء صلاة لا يخلو الحال فيه إما أن يكون ذلك عن عمد وإما أن يكون عن سهو ونسيان، وعلى كل تقدير إما أن تكون الصلاة الثانية المفتتحة مترتبة على الصلاة الأولى كالظهر والعصر، أو غير مترتبة كالحاضرة والفائتة بناء على عدم الترتيب فيهما وكاليومية والآيات، ثم ما كان عن عمد إما أن تكون الصلاة الثانية ملزما بها شرعا في الحال لمكان ضيق وقتها كالآيات إذا ضاق وقتها في أثناء الصلاة اليومية أو العكس، وإما أن لا يكون كذلك كما إذا كان في سعة من وقتها. فإن كان افتتاح صلاة في أثناء صلاة عن عمد واختيار من دون أن يكون هناك ملزم شرعي بالنسبة إلى الصلاة الثانية في الحال، فلا ينبغي الاشكال في بطلان كل من الصلاة الأولى والثانية، أما الأولى فلمكان فوات الموالاة بين أجزائها. وأما الثانية فلمكان النهي عنها من حيث كونها مفوتة