الجملتين من قوله " لا يكون بين الصفين قدر ما لا يتخطى " بيانا للحكم الالزامي، فلا يلزم التفكيك بين معنيي ما لا يتخطى الواقع في الصدر والذيل، ولا بعد في اشتمال الذيل على حكم إلزامي وهو أن لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى، وحكم استحبابي وهو تواصل الصفوف، وحينئذ يختلف معنى الذيل والصدر فلا يكون ظهور الذيل في الاستحباب قرينة على أن المراد من الصدر أيضا الاستحباب بل الصدر يكون على ما هو ظاهر فيه من الالتزام، فيعتبر أن لا يكون بين الصفوف قدر ما لا يتخطى بمعنى أن وجود ما لا يتخطى في جميع حالات الصلاة موجب لعدم انعقاد الجماعة، فلا بأس إذا لم يكن في حال السجود ما لا يتخطى وكان في حال القيام ذلك لأنه يصدق أنه في جميع حالات الصلاة لم يكن ما لا يتخطى، واستفادة كون ما لا يتخطى في جميع حال الصلاة إنما هو من قضية الحال المستفاد من الرواية، فإن الظاهر من قوله عليه السلام " إن صلى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطى " هو أن صلاتهم تكون في حال وجود ما لا يتخطى لمكان واو الحاكية للحال، وهذه القضية لا يصدق إلا إذا كان في جميع حالات الصلاة قدر ما لا يتخطى فعند ذلك ذلك الإمام ليس لهم بإمام، فإذا لم يكن في جميع الحالات ذلك صحت صلاتهم.
ثم إن الظاهر من قوله عليه السلام " لا يتخطى " هو عدم إمكان أن يتخطى إذ لو أمكن أن يتخطى ولو في مورد لم يصدق أنه لا يتخطى، فالبعد المضر بالصحة هو ما لا يمكن أن يتخطى وهذا لعله يقرب من ذراعين، فإذا لم يكن البعد بين مسجد اللاحق وموضع قدم السابق هذا المقدار صحت الجماعة وإذا كان بهذا المقدار بطلت فتأمل.
بقي في المقام بعض الفروع المتعلقة بالبعد:
الأول: أن عدم البعد كما يكون شرطا في الابتداء كذلك شرطا في الأثناء.