وبالجملة: يكون جواز العدول حينئذ على خلاف القاعدة، لأن إبطال حقيقة وإرجاعها إلى حقيقة أخرى، يحتاج إلى دليل قوي. وما قلنا من أنه يجب الاتمام عند التمكن منه، فإنما هو فيما أمكنه إتمام ما بيده، فالمقام يكون كمن شك في المغرب بين الاثنين والثلاث وكان عليه فائتة ظهرية، فإنه لا يجوز له العدول إلى الظهر بتوهم أنه يمكنه الاتمام، فيجب. والسر في ذلك هو ما عرفت، من أن إمكان الاتمام إنما يلاحظ بالنسبة إلى ما بيده من الصلاة، وأما إبطالها والعدول إلى صلاة أخرى، فليس ذلك من إتمام الصلاة. هذا إذا قلنا: إن القصر والتمام نوعان متباينا، وأما إذا قلنا: إنهما مندرجان في نوع واحد وحقيقة فاردة، فلوجوب العدول إلى التمام وجه ولا ينافي اندراجهما تحت نوع واحد كون التخيير بينهما شرعيا، لأن كون التخيير شرعيا إنما هو لمكان عدم جامع قريب عرفي بينهما، إذ لا جامع بين الشئ بشرط لا والشئ بشرط شئ فهما من هذه الجهة متباينان وإن كانا نوعا واحدا وحقيقة فاردة، من حيث إن كلا منهما صلاة ظهر وليسا كصلاة الظهر والعصر.
وهذا الوجه هو الأقوى وعليه يجب العدول إلى التمام، كما إذا لم ينو القصر من أول الأمر هذا. ولكن لازم ذلك هو وجوب نية الإقامة على المسافر الذي شك في صلاته القصرية بين الاثنين والثلاث، لتمكنه من إتمام الصلاة بنية الإقامة والعدول إلى أربع ركعات. فتأمل في أطراف المسألة جيدا.
السابعة: لو شك في عدد الركعات في صلاة الآيات، فتارة يكون شكه على وجه يرجع إلى الشك في عدد الركعات، كما إذا شك في الركوع الخامس أو السادس بحيث كان أحد طرفي شكه الركوع الخامس والآخر السادس فإن الشك على هذا الوجه يرجع إلى الشك في الركعة الأولى أو الثانية، وأخرى لا يرجع شكه إلى ذلك كما إذا شك في الركوع الأولى والثاني، أو الثاني والثالث، أو