اختلف متعلق هذا الشك والشك الكثير باعتبار المحل، وليسا تحت جامع واحد.
وقد تقدم في الجهة الرابعة أنه يجب قصر الحكم في المورد الذي كثر شكه فيه، نعم لو كان عدم الحكم لشك كثير الشك من جهة قيام أمارة على عدم الاعتناء بشكه، كما لو فرض أنه مواظبا لصلاة الجماعة، ومع ذلك كان كثير الشك في الركوع مع أن الإمام حافظ له، فإنه لا حكم لشكه مع قطع النظر عن كونه كثير الشك لمكان حفظ الإمام، فلو اتفق أنه صلى منفردا وشك في الركوع الذي كان فيه كثير الشك فالظاهر أنه يجري عليه حك كثير الشك ولا يلتفت إلى شكه، لا تحاد متعلق الشكين وبين هذا الفرض والفرض السابق بون بعيد. ولا يقاس أحدهما بالآخر لأن الركوع في الفرض الأخير هو الذي كثر شكه فيه، غايته أنه مع الصلاة جماعة لم يكن له حكم لمكان الأمارة من حفظ الإمام فلا حاجة إلى إجراء حكم كثير الشك عليه، فلو فقدت الأمارة لمكان الصلاة منفردا جرى عليه حكم كثير الشك وذلك واضح.
الجهة السابعة: الظاهر أنه لا يفرق الحال فيما نحن فيه بين أن يكون منشأ الشك وسوسة الشيطان أو صعف قوة الحافظة ذاتا أو لعارض من مرض أو هرم، أو غير ذلك. ودعوى أن التعليل الوارد في روايات الباب إنما ينطبق على ما إذا كان الشك لأجل وسوسة الشيطان، بحيث يوجب الاعتناء بالشك عبادة الشيطان فضعيفة لما تقدم من أن التعليلات إنما هي من قبيل حكمة التشريع وليست من العلة المنصوصة بحيث تكون كبرى كلية وعليه لا يوجب قصر دائرة الحكم وتقيده بالمورد الذي يجري فيه الحكمة والذي يكون موضوعا للحكم هو عنوان كثير الشك مطلقا أي قسم منه بأي سبب حصل.
الجهة الثامنة: الظاهر أنه لا يجب لكثير الشك حفظ نفسه عن الشك بإعمال الأمارات من العد بالحصى أو تحويل الخاتم أو تخفيف ذكر الركوع والسجود