بحسب اعتبار قصدها وعدم اعتباره فمنها ما لا يعتبر قصدها مطلقا كالخصوصيات الزمانية من صوم الغدير وأيام البيض والمبعث ونوافل شهر رمضان ونصف شعبان وأمثال ذلك، ومن ذلك الأداء والقضاء إلا إذا توقف قصد النوع المأمور به أو بعينه عليه، ومنها ما يعتبر القصد إليها مطلقا وهي كل خصوصية تكون مميزة لنوع المأمور به وحقيقته كقصد الظهر والعصر والقصر والتمام، ومنها ما يعتبر القصد إليها إذا تعدد اشتغال الذمة دون ما إذا انحصر وهي كل خصوصية توجب تعيين المأتي وتطبيقه على أحد ما اشتغلت الذمة به، ومن ذلك يظهر الفرق بين الخصوصيات التي إذا لم تكن مقصودة يوجب عدم القصد إلى نوع المأمور به وبين ما يوجب ذلك عدم تعيين المأمور به، وحكي عن بعض إرجاع ما يرجع إلى النوع إلى التعيين وجعل اعتبار القصد إلى الخصوصية لأجل التعيين الذي قد عرفت أن مورده صورة تعدد اشتغال الذمة وألقى اعتبار القصد إلى نوع المأمور به مع انحصار ما في الذمة فتأمل في المقام جيدا. هذا كله فيما يعتبر في الركن الأول من النية وهو القصد إلى المأمور به.
وأما ما يعتبر في الركن الثاني منها وهو الداعي فأمور أيضا:
الأول: القربة بأن يكون الداعي والباعث مقربا إليه تعالى وينحصر ذلك بقصد امتثال الأمر وما يقوم مقامه كما ستعرف.
الثاني: أن يكون مقربيته إليه تعالى هي الموجبة لإرادة الفعل، ومعلوم أن ما يكون مقربا إليه تعالى ليس إلا العبادة والفعل بنفسه لا يكون عبادة إلا في مثل السجود له تعالى حيث إنه بذاته عبادة له تعالى، لما فيه من الخضوع والتذلل. وأما غير السجود من سائر الأفعال فلا يكون بذاته عبادة مقربا لديه سبحانه بل ينحصر عبادية الفعل بإتيانه بداعي الأمر والامتثال فلا محيص من انتهاء العبادة إلى قصد الأمر والامتثال غايته أنه تارة يكون الأمر بنفسه باعثا ومحركا نحو الفعل ويكون