بالتسبيحات، هذا، ولكن سيأتي ما في تحديد الاخفات بذلك، بل ذكر شيخنا الأستاذ - مد ظله - أنه ينبغي جعل رواية أحمد بن علي من أدلة الاخفات، حيث إن التعبير بأنه كان يسمع ما يقوله، إنما يناسب الاخفات، إذ مع أنه عليه السلام كان يجهر لا يقال سمعت، قراءته كما لا يخفى فتأمل جيدا.
الأمر العاشر: في ضابط الجهر والاخفات، لا يخفى عليك أنه ليس في الأخبار تحديد للجهر والاخفات على خلاف المعنى اللغوي والعرفي، كما يتضح ذلك بعد المراجعة، وكذلك ليس في المقام إجماع تعبدي على خلاف ذلك، وتحديد الأعلام الجهر بسماع القريب والاخفات بسماع نفسه لا ينافي معناهما العرفي فإن تحديد الاخفات بذلك إنما هو لبيان أقل مراتبه، إذ لو لم يسمع نفسه خرج عن كونه قراءة وكان من مجرد حركة الشفة كما يشهد بذلك ذيل عبارة التذكرة من قوله:
ولأن ما لا يسمع لا يعد كلاما ولا قراءة (1).
وبالجملة: التأمل في كلمات الأعلام مما يوجب القطع بأن المراد من تحديد الاخفات بذلك إنما هو لبيان أقل مراتبه، لا لبيان أنه يعتبر في حقيقة الاخفات عدم سماع الغير، حتى لا يرجع التحديد بذلك إلى بيان أقل مراتبه، وإن أوهم ذلك بعض التعبيرات، كالعبارة المحكية عن ابن إدريس (2).
وعلى كل حال الظاهر أن الجهر هو عبارة عن اظهار جرسية الصوت الملازم لسماع القريب، والاخفات عبارة عن الاسرار بالصوت وعدم إظهار جرسية الصوت سواء سمعه الغير أو لم يسمعه، نعم يعتبر سماعه نفسه لما عرفت من أنه لا يعد قراءة مع عدم سماعه وهذا المعنى من الجهر والاخفات هو المعنى الذي يطابق عليه العرف واللغة، مع عدم انعقاد إجماع على خلافه، وعبارة التذكرة