الأول: مقتضى إطلاق النص أنه لا فرق في المأموم الذي يرجع إليه الإمام بين أن يكون عادلا أو فاسقا، لأن الاعتماد على حفظه لا على قوله وإخباره حتى يقال: إنه لا عبرة بإخبار الفساق، وكذا ظاهر إطلاق النص أنه لا فرق في المأموم بين أن يكون رجلا أو امرأة، ودعوى انصرافه إلى الرجل ممنوعة. بل مقتضى الاطلاق أنه لا فرق بين أن يكون بالغا أو غير بالغ بناء على شرعية عبادات الصبي. ودعوى الانصراف إلى البالغ قد عرفت منعها.
الأمر الثاني: لا إشكال في رجوع الشاك إلى القاطع، فإنه المتيقن من النص.
وأما رجوع الشاك إلى الظان فقد يتأمل فيه. بدعوى أن المنصرف إليه من الحفظ هو اليقين والحفظ العلمي لا الحفظ الظني، بل قد يتأمل في إطلاق الحفظ على الظن، هذا. ولكن الانصاف أنه مما لا ينبغي التأمل فيه، فإنه بعد البناء على اعتبار الظن في الصلاة وأنه محرز للواقع يكون الظان حافظا للواقع، ويكون رجوع الشاك إليه رجوعا إلى الحافظ، ودعوى الانصراف إلى العلم مما لا مساس لها، وإلا كان اللازم أن يقال: إنه في كل مورد أخذ العلم طريقا إلى الواقع لا يقوم الظن مقامه. لانصراف إلى الاحراز العلمي وهو كما ترى، بل الانصراف في أمثال المقام مما لا معنى له، وذلك لأن الانصراف إنما يكون في الألفاظ التي تكون لها معان كلية تحتها أفراد متواطئة بحسب الحقيقة والهوية، ومقولة بالتشكيك بحسب الصدق على ما له من الأقسام. كانصراف الانسان إلى ذي رأس واحد وذي حقو واحد.
وأما في وجوب الحكومات فلا معنى للانصراف، فإن المفروض أن دليل المحكوم لا يعم ما تكفله دليل الحاكم، ولا يكون من أفراد المحكوم حقيقة بل مباين له بحسب الحقيقة. وشأن دليل الحاكم هو إدخال ما لا يكون داخلا وإخراج ما لا يكون خارجا. مثلا فيما إذا أخذ العلم جزء للموضوع على وجه الطريقية.