كالأجرة والمال الذي يبذله الباذل فلا يصلح لأن يكون داعيا لقصد امتثال الأمر بل لا يكون هناك إلا قصد أخذ المال ولا يمكنه قصد الأمر حقيقة وشتان ما بين الثواب والعقاب وبين أخذ الأجرة فإن الثواب والعقاب حيث كان معلولا للأمر وكان من آثار قصد الأمر أمكن أن يكون التخلص عن العقاب أو النيل إلى الثواب داعيا إلى قصد الأمر بعد العلم بأن التخلص والنيل لا يحصل إلا بفعل العبادة المتوقفة على قصد الأمر وأما الأجرة فهي ليست من الآثار المترتبة على قصد الأمر شرعا بل كان الترتب لبذل باذل لها وكان أخذ المال هو الغاية المقصودة وهو المحرك له نحو العمل حقيقة فكيف يمكن أن يكون داعيا إلى قصد الأمر وهل يكون قصد الأمر في مثل هذا إلا مجرد التصور والخطرات القلبية من دون أن يكون له حقيقة.
وبالجملة: من راجع وجدانه يعلم أنه لا يمكن أن يكون قصد أخذ المال داعيا حقيقة إلى قصد الأمر وأما الكبرى فعلى فرض تسليم إمكان كون أخذ الأجرة يصير داعيا إلى قصد الأمر إلا أن مجرد ذلك لا يكفي في العبادة. بل يعتبر في عبادية العبادة أن يكون قصد الأمر هو المقصود بالأصالة والغاية والقصوى ولو بأثره ولا يكفي توسيط قصد الأمر مع كون المقصود بالأصالة أخذ المال، إذ ليس لنا إطلاق يدل على أن مجرد قصد الأمر يكفي في العبادة مع كون المقصود بالأصالة أخذ المال بل البحث في المقام بعد قيام الدليل على اعتبار نية القربة يكون عقليا، والذي يحكم به العقل هو أن يكون المقصود بالأصالة قصد الامتثال والأمر ولا يكفي مجرد توسيط ذلك مع كون المقصود بالأصالة أخذ المال وسيأتي أن قصد الثواب والعقاب ولو كان دنيويا لا ينافي كون المقصود هو قصد الأمر.
وأما الأجرة فعلى كل تقدير تكون هي المقصود بالأصالة، نعم لو لم يكن لأخذ المال دخل في تأثير إرادته قصد الامتثال وكان قاصدا للأمر على كل حال