قلت: أولا: ليس من مقدمات الحكمة أنه لو لم يكن الاطلاق بمراد يلزم إيقاع المكلف على خلاف الواقع، بل مقدمة الحكمة إنما هي عبارة عن أن الآمر حيث كان بصدد بيان ماله دخل في غرضه ومراده، فلا بد من أن يكون الاطلاق هو تمام المراد، سواء وقع المكلف بخلاف الواقع أو لم يقع، وثانيا: أنه يلزم فيما نحن فيه وقوع المكلف بخلاف الواقع، كما في باب التزاحم، فتأمل جيدا (1).
فقد ظهر لك وجود الملاك عند سقوط الأمر بالمزاحم الأهم وعليه يستقيم الأمر الترتبي إذا عرفت ذلك فلنعد إلى ما كنا فيه، فنقول: إنه قد حكي عن الجواهر - قدس سره - عدم كفاية قصد الجهة والملاك في صحة العبادة، بل لا بد من قصد الأمر، وقد حكي عن الشيخ - قدس سره - بأن قصد الجهة أدخل في العبادة وأقوى من قصد الأمر في صدق الإطاعة، كما يتضح ذلك بمراجعة ديدن العقلاء في مقام إطاعة العبيد لمواليهم العرفية، فإنه لو أمر المولى بالماء لجهة رفع عطشه، فالعبد تارة يجئ بالماء لأن المولى أمره بذلك، وأخرى يجئ به لكثرة حبه لمولاه، واشتياقه إليه، وتألمه من عطشه، بحيث يكون الداعي إلى العبد هو رفع عطش المولى، حيث لا يقدر أن يرى مولاه عطشانا، ولا إشكال في أن رتبة مثل هذا العبد عند المولى أعلى من رتبة من كان قصده امتثال الأمر، وكان هذا العبد أقوى إطاعة من ذلك، هذا.
وقد أشكل على ذلك شيخنا الأستاذ - مد ظله - بما حاصله: أنه تارة تكون