وأما إذا كان الشك على الوجه الثاني فيمكن القول بالرجوع. فإنه أدلة الباب وإن كانت لا تعمه لفظا إلا أنها تعمه مناطا. أما عدم عمومها لفظا فلما عرفت من أن المراد من نفي السهو هو ركعة الاحتياط لا الأجزاء، وأما عمومها مناطا فلأن الظاهر من قوله عليه السلام " ليس على الإمام سهو إذا حفظ من خلفه " (1) هو كون حفظ أحدهما هو العلة في نفس السهو، وكأن حفظ أحدهما بمنزلة الأمارة لفعل الآخر. فإذا لم يكن شك الإمام أو المأموم من جهة التخلف بل من جهة احتمال ترك صاحبه، والمفروض أن صاحبه حافظ لفعله، فكأن حفظه حفظ الآخر فلا يعتني بشكه. وهذا بخلاف ما إذا كان شكه من جهة احتمال التخلف، فإن حفظه لا ربط له وبه وليس موقع التنزيل. بل يمكن أن يقال بهذا التفصيل في الشك في عدد الركعات، فإن عدم العبرة بشك أحدهما مع حفظ أحدهما إنما يكون فيما إذا تلازما في الركعات وشك أحدهما من جهة احتمال ترك صاحبه ركعة، وأما إذا لم يكن الشك كذلك، بل شك المأموم من جهة احتمال كونه مسبوقا بركعة أو منعه الزحام عن متابعة الإمام فلس هذا مندرجا في أخبار الباب، بل يلزم المأموم العمل على وفق شكه ولا يفيده حفظ الإمام، هذا تمام الكلام في شك الإمام والمأموم.
بقي في المقام حكم السهو في كل منهما فنقول: السهو إما أن يكون من الإمام، وإما أن يكون من المأموم، وإما أن يكون من كليهما، فإن كان من الإمام وجب العمل بما يوجبه من التدارك إن كان العمل باقيا، إن لم يكن المنسي ركنا والبطلان إن كان هو، وقضاء الأجزاء التي يجب قضاؤها وسجود السهو، وهذا مما لا إشكال فيه. إنما الاشكال في متابعة المأموم له عند فعل الإمام موجبات السهو،