البناء على الأربع، لأنها شرعت لتصحيح الصلاة لا لبطلانها.
وعلى كل حال ينبغي التأمل التام فيما يترتب على البناء على الأكثر من فروع الشك في الركعات، فإنه كثيرا ما وقع الخلط والاشتباه. لمكان عدم تنقيح قاعدة البناء على الأكثر ومقدار مفادها. وقد عرفت مقدار مفادها وحاصله: أن المستفاد من أخبار البناء على الأربع أمور:
الأول: التنويع الواقعي، وأن الشاك في عدد الركعات تكليفه الواقعي قد تبدل وغير مأمور واقعا بوصل الركعات الصلاتية، بل يبني على الأكثر ويأتي بما احتمل نقصه مفصولا. ويترتب على ذلك أنه لو لزم من البناء على الأكثر العلم الاجمالي بنقصان ركعة أو زيادة ركن أو غير ذلك من بطلان الصلاة، كان العلم الاجمالي مما لا أثر له، ولا يوجب شيئا. بل يبني على الأربع ويحتاط ولا يعتني باحتمال المبطل، لأن أحد طرفي العلم الاجمالي وهو نقصان الركعة مما لا أثر له واقعا مع الشك فيه، لمكان تبدل التكليف واقعا.
الأمر الثاني: أن مفاد البناء على الأكثر هو مفاد الأصل الغير المتكفل للتنزيل، ولا يكون محرزا كالاستصحاب. ويترتب على ذلك أنه لو فرض ثبوت خلل في الصلاة على تقدير كونه محرزا لا يعتنى بذلك الخلل، بل تجري قاعدة البناء على الأكثر. وقد تقدم مثال ذلك سابقا، ونزيد في المقام مثالا آخر وهو: أنه لو علم قبل التسليم بأنه صلى سبع ركعات في صلاة الظهر والعصر، ولكن لم يعلم أنه نقص من الظهر ركعة حتى تكون ما بيده رابعة العصر، أو أنه لم ينقص من الظهر شيئا فتكون ما بيده ثالثة العصر. فالذي ينبغي أن يقال في المقام: إنه يبني على أنه لم ينقص من الظهر شيئا، لجريان قاعدة الفراغ فيها، ويبني على ما أن ما بيده رابعة العصر أيضا، لأنه شاك فيها بين الثلاث والأربع، وتكليفه البناء على الأربع مع ركعة الاحتياط، وذلك لأن قاعدة الفراغ في الظهر لا تثبت أن ما بيده