الفعل لله تعالى فلا دور، إلا أنه يرد عليه ما تقدم من الاشكال فإن الاشكال المتقدم وارد على كل حال كما لا يخفى.
الجهة الثانية: فيما يعتبر في النية وشرائطها وأركانها. والبحث عن الجهة الأولى راجع إلى مسألة أصولية، وعن الجهة الثانية إلى مسألة فقهية، والمقصود في المقام إنما هو البحث عن الجهة الثانية، وفيه مباحث:
البحث الأول:
حقيقة النية ليس إلا الإرادة الباعثة على الفعل، ولكن في العبادات تتقوم بأمرين، الأول: القصد إلى المأمور به الذي به يكون الفعل اختياريا وصادرا عنه بالإرادة ويمتاز عن فعل النائم والساهي والغافل. الثاني: انبعاث هذا القصد عن الداعي المقرب إليه تعالى دون سائر الدواعي الذي به يمتاز العبادة عن غيرها فحقيقة النية في العبادة إنما هي متقومة بهذين الأمرين وكان كل منهما ركنا في النية وإن كان الثاني في طول الأول وربما يطلق النية على خصوص الثاني أي ما يمتاز به العبادة عن غيرها وعلى كل حال لا بد في كل عبادة من تحقق هذين الركنين فلا بد من التكلم في كل منهما على حدة. ويعتبر في الركن الأول أي القصد إلى المأمور به أمور:
الأول: أن يتعلق القصد بذات المأمور به وبحقيقته وهويته التي بها يمتاز عما عداه وبعبارة أخرى لا بد من القصد إلى واقع المأمور به بحيث يحمل عليه بالحمل الشائع الصناعي أنه هو فلا يكفي القصد إلى مفهوم الصلاة والصيام بل لا بد من القصد إلى العنوان الذي أمر به سواء انحصر ما في ذمته في واحد معين أو لم ينحصر فإن الانحصار وعدم الانحصار لا دخل له بما نحن بصدده من القصد إلى المأمور به الذي قد عرفت أن بذلك يكون الفعل اختياريا ويمتاز عن فعل النائم والساهي.