وأما القسم الثاني وهو ما كان فواته موجبا للتدارك فقط فعدة أمور:
الأول: ما إذا نسي الفاتحة وقرأ السورة قبلها وتذكر قبل الدخول في الركوع، فإنه يلزم العود إلى قراءة الفاتحة وإعادة السورة أيضا، فإن السورة التي قرأها كانت في غير محلها. فيلزمه سورة أخرى بعد قراءة الحمد. وفي لزوم إعادة تلك وقع في غير محله. ولكنها بالإرادة تعينت عليه، كما حكى شيخنا الأستاذ - مد ظله - دلالة بعض الآخر على تعيين السورة عند إرادتها، وليس له العدول عما أراد حيث إن إطلاق ذلك يشمل ما نحن فيه، فتأمل. ومن استصحاب بقاء التخيير الثابت قبل قراءة السورة، مع أنه على فرض تعين السورة بالإرادة نمنع كون مثل هذه الإرادة الواقعة قبل الفاتحة موجبة للتعيين.
الثاني: ما إذا نسي الركوع وتذكر قبل تحقق السجود منه، فإنه يلزم العود لتدارك الركوع وهو مما لا إشكال فيه إنما الاشكال في كيفية العود، وأنه هل يلزمه الانتصاب ثم الركوع، أو يعود منحنيا إلى حد الراكع، أو التفصيل بين ما إذا نسي الركوع بعد ما هو بقصده فلا يلزمه الانتصاب أو لا بهذا القصد فيلزمه الانتصاب؟ وجوه قد تقدم البحث عن ذلك في مبحث القيام. والأقوى من هذه الوجوه هو لزوم الانتصاب مطلقا. لأنه لم يتحقق منه الركوع عن قيام، وقد تقدم أنه لا بد من أن يكون الركوع عن قيام بحيث يكون التقوس من مبدئه إلى وصوله إلى حد الراكع للركوع، فلو لم يكن تقوسه لذلك بل لغرض آخر. أو كان بعض تقوسه لغرض آخر، كما إذا نسي الركوع بعد أن هوي بقصده قبل الوصول إلى حد الراكع لم يتحقق منه الركوع عن قيام، إذ ليس هناك واجبان قيام وركوع حتى يقال إنه كان قائما. فلا يعتبر عند نسيان الركوع الانتصاب بل يكفي العود منحنيا إلى حد الراكع، بل الواجب هو الركوع، من قيام، بحيث لم يتخلل بين الركوع