فهذا العلم مما لا وجه لدعوى انصرافه إلى بعض أفراده، لأن المفروض أنه ليس للعلم مراتب حتى يدعى أنه منصرف إلى بعض مراتبه. والظن ليس فردا للعلم حقيقة، فلا يعمه حتى يدعى انصراف العلم عنه. ولكن دليل حجيته يجعله علما وإحرازا وحينئذ نقول: إن لفظه الحفظ في هذه الأخبار وإن لم تعم الظن حقيقة.
ولكن دليل حجية الظن في الصلاة يجعله حفظا وإحرازا، فإذا صار حفظا يعمه أدلة الباب من رجوع الشاك إلى الحافظ، وأن حفظ أحدهما حفظ الآخر.
فلا مناص عن القول برجوع الشاك إلى الظان.
الأمر الثالث: لو كان أحدهما قاطعا والآخر ظانا ففي رجوع الظان إلى القاطع نظر، الأقوى عدم الرجوع لأن الظان حافظ كالقاطع، ولا معنى لرجوع الحافظ إلى حفظ آخر. وما يقال من أن صلاة الجماعة حيث اعتبرت بمنزلة صلاة واحدة، فلا بأس من تقدم القاطع على الظان، لعدم اعتبار الظن مع القطع بالخلاف لو فرض محالا اجتماعهما في شخص واحد، ففي غاية السقوط. فإن اعتبار وحدة صلاة الجماعة ليس مطلقا بل في بعض الأحكام. مع أنه لو فرض اعتبار الوحدة مطلقا فإنما هو فيما يمكن من الأحكام، ومعلوم أن اجتماع الظن والقطع في صلاة واحدة محال، ومع استحالته كيف يقال بأن الجماعة اعتبرت واحدة من هذه الجهة أيضا، إذا الكلام في المقام فيما يستفاد من الأخبار وفرض إمكان الاجتماع لا يجعله ممكنا وواقعا حتى يقال بتستريته إلى الجماعة التي اعتبرت صلات واحدة.
وبالجملة: لا ينبغي الاشكال في عدم جواز رجوع الظان إلى القاطع بعد اعتبار الظن في الصلاة.
الأمر الرابع: الظاهر أنه لا فرق في رجوع الشاك إلى الحافظ بين أن يكون ذلك. في الأوليتين أو الأخيرتين، لما عرفت من أن الظاهر من الأخبار هو تنزيل حفظ أحدهما منزلة حفظ الآخر، فيكون ذلك حاكما على ما دل على اعتبار