الحصول، يطلق أسم (التوبة) على مجموعها. وربما أطلقت التوبة على مجرد الندم، وجعل العلم كالسابق والمقدمة، والترك كالثمرة والتابع للمتأخر، وإلى هذا الاعتبار يشير قوله (ص): (الندم توبة)، إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره، أو عن عزم يتبعه ويتلوه، فيكون الندم محفوفا بطرفيه، أعني ثمرته ومثمره 0 وبهذا الاعتبار قيل في حدها:
إنها ذوبان الحشا لما سبق من الخطأ، أو نار في القلب تلتهب وصدع في الكبد لا ينشعب، وربما أطلقت على مجرد ترك الذنوب حالا والعزم على تركها استقبالا، وبهذا الاعتبار قيل في حدها: إنها خلع لباس الجفاء ونشر بساط الوفاء، وإنها تبديل الحركات المذمومة بالحركات المحمودة، أو إنها ترك اختيار الذنب حالا وتوطين القلب وتجريد العزم على عدم العود إليه استقبالا. وعلى هذا لا يكون الندم داخلا في حقيقة التوبة وقد صرح بعض الأعاظم بخروجه عنها، محتجا بأن الندم - وهو تألم القلب وحزنه على الذنب - غير مقدور، ولذا ترى تقع الندامة على أمور في قلبه وهو يريد ألا يكون ذلك فلا يكون الندم مقدورا، وأنما المقدور تحصيل أسبابه، أعني الإيمان والعلم بفوات المحبوب وتحقيقها في قلبه. وعلى هذا فلا يكون الندم من التوبة، إذ التوبة مقدورة للعبد ومأمور بها فاللازم فيها التندم دون الندم. وغير خفي بأن الندم كغيره من صفات النفس، فإن أمكن إزالة الصفات النفسية وكسبها فالندم كذلك، وإلا لزم بطلان علم الأخلاق بالكلية وأيضا إذا أمكن تحصيل سبب الندامة - أعني العلم بفوات المحبوب - لزم ترتب المسبب - أعني الندامة عليه - فما معنى عدم كونه مقدورا، فالندامة في الإزالة والتحصيل لا يكون أصعب من كثير من الأخلاق النفسية وبعضهم يعد ما عدا التندم من شرائط التوبة، قال (وأما الندم المحبوب - لزم ترتب المسبب - أعني الندامة عليه - فما معنى عدم كونه التوبة حقيقة، وإنما المقدور تحصيل أسبابه من العلم والإيمان وتحقيقهما في قلبه) إنتهى. وفيه ما لا يخفى بعلاوة ما سبق، قال الصادق (ع):
(التوبة حبل الله ومدد عنايته، ولا بد للعبد من مداومة التوبة على كل حال وكل فرقة من العباد لهم توبة، فتوبة الأنبياء من اضطراب السر وتوبة